والثالث: أن لا ينقص الضعيف عن خمسة عشر يوما ليمكن جعله طهرا بين الحيضتين. وبه قال مالك وأحمد.
وقال النووي: علامة انقطاع الحيض والحصول في الطهر: أن ينقطع خروج الدم والصفرة والكدرة، وسواء خرجت رطوبة بيضاء، أم لم يخرج شيء أصلا.
قال البيهقي وابن الصَّبَاغ: التَرِيَّةُ رطوبة خَفيَّة (١) لا صفرة فيها ولا كدرة، تكون على القطنة أثر لا لون، وهذا يكون بعد انقطاع الحيض، والتَّرِيّة بفتح التاء المثناة من فوق وكسر الراء وبعدها ياء آخر الحروف مشددة.
ثم اعلم أنها إذا مضى زمن حيضها وجب عليها أن تغتسل في الحال لأول صلاة تدركها, ولا يجوز لها أن تترك صلاة أو صومًا، ويكون حكمها حكم الطاهرات ولا تستظهر بشيء أصلا، وبه قال الشافعي.
وعن مالك ثلاث روايات:
الأولى: تستظهر ثلاثة أيام، وما بعد ذلك استحاضة.
والثانية: تترك الصلاة إلى انتهاء خمسة عشر يوما، وهي أكثر مدة الحيض عنده.
والثالثة: كمذهبنا.
ومن فوائد هذا الحديث:
جواز استفتاء المرأة بنفسها ومشافهتها الرجال فيما يتعلق بالطهارة وأحداث النساء.
وجواز استماع صوتها عند الحاجة.
ومنها: نهيُ المستحاضة عن الصلاة في زمن الحيض، وهو نهي تحريم ويقتضي فساد الصلاة هنا بإجماع المسلمين، ويستوي فيها الفرض والنفل، ويتبعها الطواف وصلاة الجنازة وسجدة التلاوة وسجدة الشكر.
ومنها: أنها بعد غُسْلِهَا تصلي ما شاءت من الفرائض والنوافل، وفي وجه للشافعية أنها لا تصلي النافلة أصلا.
(١) قال صاحب "الصحاح": التَّريَّة: الشيء الخفي اليسير من الصفرة والكدرة، وانظر "شرح صحيح مسلم" للنووي (٤/ ٢٢).