للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّسَيم، عن أبيه -وكان من أهل هجر، وكان فقيها-: "أنه انطلق إلى رسول الله -عليه السلام- في وفد بصدقة يحملها إليه، فنهاهم عن النبيذ في هذه الظروف، فرجعوا إلى أرضهم وهي أرض تهامة حارَّة فاستوخموا، فرجعوا إليه العام الثاني في صدقاتهم، فقالوا: يا رسول الله، إنك نهيتنا عن هذه الأوعية فتركناها، فشق ذلك علينا، فقال: اذهبوا فاشربوا فيما شئتم، ولا تشربوا ما أوكئ سقاؤه على إثم".

قلت: رُسَيم بضم الراء وفتح السين المهملتين، كذا قاله محمد بن نقطة من خط أبي نعيم. وقال ابن ما كولا: وأما رسيم بفتح الراء وكسر السين وسكون الياء آخر الحروف فهو رَسِيم له صحبة، روى عنه ابنه حديثًا رواه يحيى بن غسان التيمي، عن ابن الرسيم، عن أبيه.

وأما حديث صحار بن عياش فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا وكيع، عن الضحاك بن يسار، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن عبد الرحمن بن صحار، عن أبيه قال: "قلت: يا رسول الله، إني رجل مسقام، فأذن لي في جرة أنتبذ فيها؛ فأذن لي".

قلت: صحار -بضم الصاد- بن عياش بالياء آخر الحروف المشددة وبالشين المعجمة. وقيل: عباس بالباء الموحدة والسين المهملة.

ص: فثبت بهذه الآثار نسخ ما تقدمها مما قد روينا في هذا الباب من تحريم الانتباذ في الأوعية المذكورة فيها، وثبت إباحة الانتباذ في الأوعية كلها.

وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: أي فثبت بهذه الأحاديث المذكورة في الفصل الثاني انتساخ الأحاديث المذكورة في الفصل الأول الناطقة بتحريم الانتباذ في الأوعية المذكورة فيها. وقال الحازمي: إنما كان النهي عن هذه الأوعية لأن لها ضراوة يشتد فيها النبيذ، ولا يشعر بذلك صاحبها، فيكون على غرر من شربها.


(١) "مصنف بن أبي شيبة" (٥/ ٨٥ رقم ٢٣٩٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>