ش: أي فلما اختلف أصحاب هذه المقالات الخمس المذكورة في القرابة مَنْ هُم؟ هذا الاختلاف، وجب أن ينظر في ذلك إلى دليل كل واحد منهم الذي يعتمد عليه فيما ذهب إليه ليعرف أي قول أصح من بين هذه الأقوال، فذكر الطحاوي أولًا حجة أهل المقالة الرابعة وهم الذين قالوا: إن مَن أوصى إلى قرابة فلان تكون الوصية لكل من جمعه وفلانًا أبوه الرابع، وبيَّن حجتهم بقوله، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قسم سهم ذوي القربى. . . . إلى آخره، وهو ظاهر.
ص: فمن الحجة عليهم في ذلك للآخرين: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أعطى بني هاشم وبني المطلب قد حرم بني أمية وبني نوفل، وقرابتهم منه كقرابة بني المطلب، فلم يحرمهم لأنهم ليسوا قرابةً، ولكن لمعنى غير القرابة، فكذلك مَن فوقهم لم يحرمهم لأنهم ليسوا قرابة ولكن لمعنى غير القرابة.
ش: أي فمن الدليل والبرهان على أهل المقالة الرابعة فيما ذهبوا إليه للآخرين أي لأصحاب المقالات الأربع.
وأراد بذلك منع استدلالهم بقسمة رسول الله -عليه السلام- سهم ذوي القربى.
بيانه: أنه -عليه السلام- لما أعطى بني هاشم وبني المطلب حرم بني أمية وبني نوفل ولم يعط لهم شيئًا، والحال أن قرابتهم منه -عليه السلام- كقرابة بني المطلب، وليست العلة في عدم صرفه -عليه السلام- إليهم عدم كونهم قرابة، بل هم قرابته ولكن حرمهم لمعنى آخر، وهو معنى قوله: فلم يحرمهم؛ لأنهم ليسوا قرابةً، يعني فلم يحرم النبي -عليه السلام- بني أمية وبني نوفل لكونهم غير قرابة وإنما حرمهم لمعنى غير ذلك.
قوله:"فكذلك مَن فوقهم" أبي من فوق بني أمية وبني نوفل.
ص: ثم قد روي عن رسول الله -عليه السلام- في القرابة من غير هذا الوجه ما قد حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: ثنا حميد، عن أنس - رضي الله عنه - قال: "لما نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا