يُحْصَون ويعرفون، وإلا تكون الوصية باطلةً لجهالة الموصى إليهم، اللهم إلا إذا عينها للفقراء منهم فتصح حينئذٍ كما في الوصية إلى فقراء المسلمين، فالوصي حينئذٍ يدفعها إلى مَن شاء منهم، وأقل من يجوز أن يجعلها له منهم اثنان فصاعدًا عند محمد؛ لأن الفقراء اسم جمع وأقل الجمع الصحيح ثلاثة، إلا أنه قام الدليل على أن الاثنين في باب الوصية يقومان مقام الثلاث؛ لأن الوصية أخت الميراث، والله تعالى أقام البنتين من البنات مقام الثلاث منهن في استحقاق الثلثين، وكذا الاثنان من الإخوة والأخوات يقومان مقام الثلاث في نقص حق الأم من الثلث إلى السدس.
ومذهب أبي يوسف أنه إذا دفعها إلى واحد منهم أجزأه ذلك؛ لأن هذا النوع من الوصية وصية بالصدقة وهي إلزام المال حقًّا لله تعالى وجنس الفقراء مصرف ما يجب لله تعالى من الحقوق المالية فكان ذكر الفقراء لبيان المصرف لا لإيجاب الحق لهم فيجب الحق لله ثم يصرف إلى ما ظهر رضا الله تعالى بصرف حقه المالي إليه، وقد جعل يصرفه إلى فقير واحد ولهذا جاز صرف ما وجب من الصدقات الواجبة بإيجاب الله تعالى إلى فقير واحد، وإن كان المذكور بلفظ الجماعة فقوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ}(١).
ص: فلما اختلفوا في القرابة مَن هم؟ هذا الاختلاف، وجب أن ننظر في ذلك لنستخرج من أقاويلهم هذه قولًا صحيحًا، فنظرنا في ذلك، فكان من حجة الذين ذهبوا إلى أن القرابة هم الذين يلتقون هم ومن يقاربونه عند أبيه الرابع فأسفل من ذلك إنما قالوا ذلك فيما ذكروا، لأن رسول الله -عليه السلام- لما قسم سهم ذوي القربى؛ أعطى بني هاشم وبني المطلب وإنما يلتقي هو وبنو المطلب عند أبيه الرابع لأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، والآخرون بنو المطلب بن هاشم بن عبد مناف يلتقون هم وهو عند عبد مناف وهو أبوه الرابع.