للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك مواريث ذوي الأرحام، ودلَّ سؤال رسول الله -عليه السلام- ربه -عز وجل- في حديث عطاء بن يسار عن العمة والخالة هل لهما ميراث أم لا؟ أنه لم يكن نزل عليه في ذلك فيما تقدم شيء، فثبت بما ذكرنا تأخر حديث واسع هذا عن حديث عطاء بن يسار؛ فصار ناسخًا له.

فإن قلتم: إن حديث واسع هذا منقطع.

قيل لكم: وحديث عطاء بن يسار منقطع أيضًا، فمن جعلكم أولى بتثبيت المنقطع فيما يوافقكم، من مخالفكم فيما يوافقه.

ش: هذا جواب بطريق التسليم، وهو على وجهين:

الأول: أن هذا لا يدل على منع ذوي الأرحام من الميراث، لأن معنى قوله: "لا شيء لهما" يحتمل أن يكون لا فرض لهما، فسمى مقدرًا كما كان لغيرهما من النساء الوارثات كالبنات والأخوات والجدات، ولم يكن نزل على النبي -عليه السلام- شيء في ذلك إلى هذا الوقت، فلذلك قال: "لا شيء لهما" على المعنى المذكور.

الثاني: يحتمل أن يكون معناه: لا ميراث لهما أصلًا؛ لأنه لم يكن نزل عليه شيء في ذلك، فلما نزل قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (١) جعل -عليه السلام- لهما الميراث، والدليل على ذلك، أنه روي عن النبي -عليه السلام- في توريث ذوي الأرحام، وهو حديث واسع بن حَبَّان -بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة.

أخرجه بإسناد رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢): ثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان قال: "هلك ابن دحداحة وكان ذا رأي فيهم، فدعى رسول الله -عليه السلام- عاصم بن عدي


(١) سورة الأحزاب، آية: [٦].
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٦/ ٢٥٠ رقم ٣١١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>