للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: قد اختلف في هذا الحديث.

فرواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): عن شريك، عن النبي -عليه السلام-. . . . الحديث من غير ذكر الحارث بن عبد.

وكذا ذكره الدارقطني في "سننه" (٢).

ثم إن الحارث هذا لا يعرف حاله ولا له ذكر في شيء من الكتب التي بأيدي الناس سوى "المستدرك" للحاكم؛ فإنه مذكور فيه في هذا الحديث مستشهدًا به، وابن أبي نمر فيه كلام كثير.

ص: ثم لو ثبت هذا الحديث لم يكن فيه أيضًا عندنا حجة في دفع مواريث ذوي الأرحام؛ لأنه قد يجوز "لا شيء لهما" أي لا فرض لهما مسمى كما لغيرهما من النسوة اللاتي يرثن، كالبنات والأخوات والجدات، فلم ينزل عليه شيء، فقال: "لا شيء" على هذا المعنى، ويحتمل أيضًا "لا شيء لهما" لا ميراث لهما أصلًا؛ لأنه لم يكن نزل عليه حينئذٍ {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (٣)، فلما نزل ذلك جعل لهما الميراث، فإنه قد روي عنه في مثل هذا أيضًا ما حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول قال: ثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان قال: "توفي ثابت بن الدحداح وكان أَتِيًّا وهو الذي ليس له أصل يعرف، فقال: رسول الله -عليه السلام- لعاصم بن عدي - رضي الله عنه -: هل تعرفون له منكم نسبا؟ قال: لا يا رسول الله، فدعى رسول الله -عليه السلام- أبا لبابة بن عبد المنذر ابن أخته، فأعطاه ميراثه".

فهذا رسول الله -عليه السلام- قد ورَّت أبا لبابة بن ثابت برحمه التي بينه وبينه، فثبت


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٦/ ٢٤٩ رقم ٣١١٢٥).
(٢) "سنن الدارقطني" (٤/ ٩٩ رقم ٩٩).
(٣) سورة الأحزاب، آية: [٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>