للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك (١) أرسله روح بن القاسم، عن عمرو، عن عوسجة، وقال: قال البخاري: عوسجة روى عنه عمرو ولم يصح حديثه، وروى عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، وهو خطأ.

وتقرير الجواب أن يقال: لا نسلم أن يكون في الحديث دلالة على توريث المولى الأسفل من المولى الأعلى؛ لأنه لم يقل فيه: أنه -عليه السلام- قال: المولى الأسفل يرث من المولى الأعلى، وإنما فيه: أعطاه النبي -عليه السلام- ميراثه -يعني تركته- وهو يحتمل وجوهًا:

الأول: يحتمل أن يكون دفعه المال إلى العبد بسبب ما كان للميت عليه من الولاء.

الثاني: يحتمل أن يكون كان المولى ذا رحم للعبد، فدفع إليه ماله بسبب الرحم لا لأن المولى الأسفل يرث من المولى الأعلى بسبب الولاء.

والدليل على هذا الاحتمال أنه أخبر في الحديث: "أنه لم يترك قرابةً إلا عبدًا هو أعتقه". فحينئذٍ يكون توريثه بالقرابة لا بالولاء.

الثالث: يحتمل أن يكون الميت قد أوصى بأن يدفع ماله إليه لعدم وارثه، فأنفذ رسول الله -عليه السلام- وصيته، ووضع ماله حيث أمر بوضعه فيه، وذلك كما جاء في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - حيث قال: "إنه ليس حي من العرب. . . ." الحديث.

الرابع: يحتمل أن يكون كان النبي -عليه السلام- جعل ماله لعبده من بعده؛ طعمةً له لأجل فقره واستحقاقه؛ لأنه مال ليس له صاحب، والإمام له الخيار فيه حيث يتصرف فيه كيف يشاء، فرأى صرف ذلك إليه مصلحةً، لا لكونه يستحق ذلك بسبب الولاء.

فإذا كان هذا الحديث يحتمل هذه الاحتمالات، لم يكن لأحد أن يحمله على


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٦/ ٢٤٢ رقم ١٢١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>