جابر بن عبد الله، أن رسول الله -عليه السلام- قال:"مَن كان له فضل أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه، ولا تبيعوها" فقلت لسعيد: ما: لا تبيعوها، يعني الكراء؟ قال: نعم".
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذه الآثار وكرهوا بها إجارة الأرض بجزء مما يخرج منها.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: عطاء، ومجاهدًا، ومسروقًا، والشعبي، وطاوس بن كيسان، والحسن، ومحمد بن سيرين، والقاسم بن محمد، وأبا حنيفة، ومالكًا، والشافعي، وزفر؛ فإنهم قالوا: تكره إجارة الأرض بجزء مما يخرج منها، كالثلث والربع.
اعلم أن هاهنا مذاهب للناس، فقال أبو عمر: لا يجوز كراء الأرض بشيء من الطعام، مأكولًا كان أو مشروبًا على حال؛ لأن ذلك في معنى بيع الطعام بالطعام نسيئة، وكذلك لا يجوز كراء الأرض بشيء مما يخرج منها وإن لم يكن طعاما مأكولًا ولا مشروبًا سوى الخشب، والقصب، والحطب؛ لأنه في معنى [المزابنة](١).
هذا هو المحفوظ عن مالك وأصحابه، وذكر ابن سحنون عن المغيرة بن عبد الرحمن: أنه لا بأس بكراء الأرض بطعام لا يخرج منها، وذكر ابن حبيب أن ابن كنانة يقول: لا تكرى الأرض بشيء إذا أُعِيدَ فيها نَبَت، ولا بأس أن تكرى بما سوى ذلك من جميع الأشياء مما يؤكل ومما لا يؤكل، خرج منها أو لم يخرج منها، قال: وكان ابن نافع يقول: لا بأس أن تكرى الأرض بكل شيء من طعام وغيره، خرج منها أو لم يخرج منها، ما عدا الحنطة وأخواتها فإنها المحاقلة.
وأجمع مالك وأصحابه كلهم أن الأرض لا يجوز كراؤها على بعض ما يخرج منها مما يزرع فيها ثلثًا كان أو ربعًا، أو جزافًا كان؛ لأنه غرر ومحاقلة.
(١) في "الأصل، ك": "المراقبة"، والمثبت من "التمهيد" (٤/ ٤٨٦).