واختلف فيها عن الليث، وأجازها أحمد، وإسحاق، إلا أنهما قالا: إن البذر يكون من عند صاحب الأرض، وإنما على العامل البقر والآلة والعمل.
وأجازها بعض أصحاب الحديث ولم يبال ممن جعل البذر منهما.
وقال أيضًا: واتفق أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، وأبو سليمان، على جواز كراء الأرض، واختلفوا فيه أيضًا وفي المزارعة، فأجاز كل من ذكرنا -حاشى مالكًا وحده- كراء الأرض بالذهب والفضة، وبالطعام المسمى كيله في الذمة ما لم يشترط أن يكون مما تخرجه الأرض، وبالعروض كلها.
وقال مالك بمثل ذلك إلا أنه لم يجز كراء الأرض بشيء مما يخرج منها، ولا بشيء من الطعام وإن لم يخرج منها كالعسل والملح والمري، ونحو ذلك.
وأجاز كراءها بالخشب والحطب وإن كانا يخرجان منها.
ومنع أبو حنيفة وزفر إعطاء الأرض بجزء مسمى مما يزرع فيها بوجه من الوجوه، وقال مالك: لا يجوز إعطاء الأرض بجزء مسمى مما تخرج إلا أن يكون أرض شجر، فيكون مقدار البياض من الأرض مقدار ثلث الجميع، ويكون السواد مقدار الثلثين من الجميع فيجوز حينئذٍ أن يعطى بالثلث أو الربع أو النصف على ما يعطى به ذلك السواد.
وقال الشافعي: لا يجوز إعطاء الأرض بجزء مسمى مما تخرج إلا أن تكون في خلال الشجر لا يمكن سقيها ولا عملها إلا بعمل الشجر وحفرها وسقيها، فيجوز حينئذٍ إعطاؤها بثلث أو ربع أو نصف على ما تعطي به الشجر، وقال أبو بكر بن داود: لا يجوز إعطاء الأرض بجزء مسمى مما يخرج منها، إلا أن تعطى هي والشجر في صفقة واحدة، فيجوز ذلك حينئذٍ، والله أعلم.
ص: وهذه الآثار فقد جاءت على معاني مختلفة، فأما ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه -، فروى عن النبي -عليه السلام- نهى عن المزارعة، ولم يبيِّن أي مزارعة هي؟