ص: وقد قال رسول الله -عليه السلام- في ذلك: ما حدثنا أبو بكرة وإبراهيم بن مرزوق جميعًا، قالا: ثنا أبو عاصم، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي كبشة السلولي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار".
فأوجب رسول الله -عليه السلام- على أمته التبليغ كما أوجب الله -عز وجل- التبليغ عنه، فكما لا يجوز للنبي -عليه السلام- أخذ الأجرة، فكذلك لا يجوز لأمته، ثم فرق رسول الله -عليه السلام- بين التبليغ عنه والحديث عن غيره، فقال:"وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، أي ولا حرج عليكم أن لا تحدثوا عنهم، فالاستجعال على ذلك استجعال على الفرض، لأن من استجعل جعلًا على عمل يعمله فيما قد افترض الله عمله عليه فذلك عليه حرام؛ لأنه إنما يعمل ذلك لنفسه ليؤدي بذلك فرضًا عليها، ومن استجعل جعلًا على عمل يعمله لغيره من رقية أو غيرها وإن كانت بالقرآن أو علاج أو ما أشبه ذلك فذلك جائز، والاستجعال عليه حلال، فيصح بما ذكرنا معاني ما قد روي عن رسول الله -عليه السلام- في هذا الباب من النهي ومن الإباحة، ولا يتضاد ذلك فيتنافى، وهذا كله رأي أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن -رحمهم الله-.
ش: أي وقد قال -عليه السلام- في وجوب التبليغ عنه ما حدثنا أبو بكرة بكار القاضي. . . . إلى آخره.
وأبو عاصم الضحاك بن مخلد شيخ البخاري، والأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو كبشة السلولي الشامي لا يعرف له اسم.
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه الترمذي (١): عن محمد بن يحيى، عن محمد بن يوسف، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن حسان بن عطية، عن أبي كبشة، به.