للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهب قوم إلى كراهة كسب الحجام، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

ش: أراد بهذا الحديث: حديث أبي جحيفة، يعني: لا يقال: هذا الحديث لا يدل على تحريم كسب الحجام، فَلِمَ ذكره هاهنا في معرض استدلال أهل المقالة الأولى؟ لأنا إنما أتينا به هاهنا لئلا يتوهم متوهم أنا قد تركنا ذلك. . . . إلى آخره.

وأراد بالقوم في قوله: فذهب قوم: عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، ومنصورًا، وعون بن أبي جحيفة؛ فإنهم ذهبوا إلى كراهة كسب الحجام، واستدلوا على ذلك بالأحاديث المذكورة، وهو مذهب أهل الظاهر أيضًا.

وقال ابن حزم (١): وروينا عن أبي هريرة تحريم أجرة الحجام، وروي عن عثمان أيضًا، وعن غيره من الصحابة.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: كسب الحجام كسب دنيء دنس، فيكره للرجل أن يدنس نفسه، فأما أن يكون في نفسه حرامًا فلا.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عكرمة وسالمًا والقاسم وابن سيرين والأوزاعي والثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ومالكًا والشافعي وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: كسب الحجام ليس بخبيث ولكنه دنيء، فيكره للرجل أن يدنس نفسه بالدناءة، وذكر ابن وضاح قال: سمعت أبا جعفر السبتي يقول: لم يكن النهي عن كسب الحجام للتحريم؛ وإنما كان على التنزيه، وكانت قريش تكره أن تأكل من كسب غلمانها من الحجامة.

ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس والربيع المؤذن، قالا: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا وهيب، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس قال: "قد احتجم رسول الله -عليه السلام- فأعطى الحجام أجره".

وحدثنا الحسين بن الحكم الجبري، قال: ثنا عفان بن مسلم. ح


(١) "المحلى" (٨/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>