للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ذلك لكل صلاة قال مالك: الأمر عندنا على حديث هشام بن عروة عن أبيه، وهو أحب ما سمعت إليّ في ذلك، وممن قال بأن الوضوء على المستحاضة غير واجب: ربيعة وعكرمة وأيوب وطائفة.

وقال البيهقي في "المعرفة" (١): قال الشافعي في كتاب الحيض: قال يعني بعض العراقيين: أمَا إنَّا روينا أن النبي - عليه السلام - أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة قال الشافعي: نعم قد رويتم ذلك، وبه نقول، قياسا على سنة رسول الله - عليه السلام - في الوضوء مما خرج من دبر أو ذكر أو فرج، ولو كان هذا محفوظا كان أحب إلينا من القياس.

فأشار الشافعي إلى أن الحديث الذي رُوي فيه غير محفوظ.

قلت: يلزم على قياس الشافعي أن لا تختص المستحاضة بفرض واحد كالوضوء مما يخرج من أحد السبيلين.

فإن قال: الفرق أن حدث المستحاضة بعد الفرض موجود قائم.

قلنا: فوجب أن لا [تصلي] (٢) بعد ذلك نافلة.

وفي كون الشافعي لم يجوِّز لها أن تصلي فرضين بطهارة واحدة؛ دليل على أنه عمل بحديث المستحاضة تتوضأ لكل صلاة، لا بالقياس على ما ذكر، ثم إنه خصص العموم وجوز من النوافل ما شاءت، وجعل التقدير: لكل صلاة فرض، فلما أضمر ذلك، فلخصمه أن يُضْمر الوقت، ويقول: التقدير لوقت كل صلاة، كقوله - عليه السلام - "إن للصلاة أولا وآخرا، وأينما أدركتني الصلاة تيممت" وذلك لأن ذهاب الوقت عُهِدَ مبطلا للطهارة، كذهاب مدة المسح. والخروج من الصلاة لم يعهد مبطلا للطهارة، وكذا الحدث يعم الفريضة والنافلة، وكذا القياس الذي ذكره الشافعي، فَعُلِمَ أنه لم يطرد القياس.

وقال ابن حزم (٣): قول مالك في هذا الباب خطأ لأنه خلاف للحديث الوارد في


(١) "معرفة السنن" (١/ ٣٧٩).
(٢) في "الأصل، ك": يُصلي وهو تصحيف.
(٣) "المحلى" (١/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>