أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن مكة حرام حرمها الله يوم خلق السموات والأرض والشمس والقمر لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار، ثم عادت، لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها ولا يخاف صيدها ولا ترفع لقطتها إلا لمنشد، فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله؛ فإنه لا غنى بأهل مكة عنه؟ قال: إلا الإذخر".
قال البزار: وهذا الحديث قد روي عن ابن عباس من غير وجه، وعن غير ابن عباس بألفاظ مختلفة ومعانيها قريبة.
وفي هذا الحديث ألفاظ ليس في حديث غيره، قد ذكرناه من أجل ذلك، ويزيد بن أبي زياد قد ذكرناه في غير هذا الحديث بأنه ليس بالقوي، ولا نعلم أحدًا ترك حديثه من المحدثين لا شعبة ولا الثوري ولا أحد من أهل العلم، وإنما كان يؤتى لأنه كان في حفظه سوء.
ص: وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج بن منهال، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله -عليه السلام- أنه قال في مكة:"ولا ترفع لقطتها إلا المنشد بها".
ش: هذا طريق آخر من حديث أبي هريرة هو أيضًا صحيح، وهو مثل حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - فلذلك فَصَلَ بينه وبين الطرق الثلاثة المذكورة بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
ص: فهذا الحديث يمنع من أخذها إلا للإنشاد بها، فقد أباح هذا الحديث أخذ لقطة الحرم لمُعَرِّف، فاحتمل أن يكون يراد به أن تنشد ثم ترد في مكانها، واحتمل أن تنشد كما تنشد اللقطة الموجودة في سائر الأماكن، فوجدنا عن عائشة - رضي الله عنها - ما قد رويناه عنها في هذا الباب، أنها سئلت عن ضالة الحرم، وأن التي سألتها أخبرتها أنها قد عرفتها فلم تجد من يعرفها، فقالت لها:"استنفعي بها". فدل ذلك أن حكم اللقطة في الحرم كحكمها في غير الحرم.