فإن لم يجلسه فليناوله أُكلة أو أُكلتين -أو قال-: لقمة أو لقمتين، فإنه ولي حره وعلاجه ودخانه".
أفلا ترى أن رسول الله -عليه السلام- قد وسع على المولى أن يطعم عبده من طعامه -الذي قد ولي صنعته له عبده- لقمة ثم يستأثر هو بما بقي من الطعام بعد تلك اللقمة، فدل ذلك أن معنى ما أراد بقوله: "أطعموهم مما تأكلون" لم يرد به المساواة وكذلك معنى قوله: "واكسوهم مما تلبسون"، وأما ما فعل أبو اليسر فعلى الإشفاق منه والخوف لا على غير ذلك، وهذا الذي صححنا عليه هذه الآثار قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهم الله-.
ش: أي وقد دل على ما ذكرنا من وجه التوفيق: حديث أبي هريرة أيضًا، وأخرجه من طريقين صحيحين:
الأول: عن إسماعيل بن يحيى المزني عن الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد بالنون عبد الله بن ذكوان عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا أحمد بن أبان وخلف بن خليفة، قالا: ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كفى أحدكم خادمه صنيع طعامه، وكفاه حره ودخانه فليجلس معه، فإن أبى فليأخذ لقمة فليطعمها إياه".
الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق، عن سعيد بن عامر الضبعي، عن شعبة، عن محمد بن زياد القرشي المدني، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم بغير هذا الإسناد (١): ثنا القعنبي، قال: ثنا داود بن قيس، عن موسى بن يسار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "إذا صنع لأحدكم