والنهي عن بيع السلع فيها؛ لأنها لم تبن لذلك، وقال الشيخ محيي الدين: ويتعلق به ما في معناه من نحو الإجارة، وعقد المضاربة، والمزارعة، ونحو ذلك من العقود.
والنهي عن التحلق فيها قبل الصلاة، وذلك حتى يتأهبوا للصلاة، وسواء كان التحلق للعلم والمذاكرة أو غير ذلك، ولا يكره التحلق بعد الفراغ من الصلاة، ومورد الحديث في التحليق قبل الصلاة يوم الجمعة، ولهذا بوب أبو داود رحمة الله عليه قال: باب: "التحليق يوم الجمعة قبل الصلاة"، ثم روى الحديث المذكور.
وفيه النهي عن إنشاد الضالة، يقال: أنشدت الضالة إذا طلبتها، وأنشدتها إذا عرفتها.
وقد ثبت:"من سمع من ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليه، فإن المساجد لم تبن لهذا".
وكذا يكره رفع الصوت في المسجد، وقال القاضي: قال مالك وجماعة من العلماء: يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره.
وأجاز أبو حنيفة، ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس؛ لأنه مجمعهم ولابد لهم منه.
ص: فذهب قوم إلى كراهة إنشاد الشعر في المساجد، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: مسروق بن الأجدع، والحسن البصري، وعمرو بن شعيب؛ فإنهم كرهوا إنشاد الشعر مطلقًا ولاسيما في المساجد.
قال القاضي: قوله -عليه السلام-: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا، خير له من أن يمتلئ شعرًا" احتج به وشبهة من نهى عن الشعر ومنعه جملة، قليله وكثيره، وإليه ذهب الحسن، ومسروق، وعبد الله بن عمرو بن العاص في آخرين، والكافة على خلافه.