الخيار لأني ابتعت ما لم أر، فحكَّما بينهما جبير بن مطعم - رضي الله عنه - فقضى أن الخيار لطلحة، ولا خيار لعثمان".
فاتفق هؤلاء الثلاثة بحضرة أصحاب رسول الله -عليه السلام- على جواز بيع شيء غائب عن بائعه ومشتريه.
ش: أخرج الطحاوي في باب: "تلقي الجلب" في كتاب البيوع: عن أبي بكرة ومحمد بن شاذان، قالا: ثنا هلال بن يحيى بن مسلم، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن رباح بن أبي معروف المكي، عن ابن أبي مليكة، عن علقمة بن وقاص الليثي قال: "اشترى طلحة بن عبيد الله من عثمان بن عفان - رضي الله عنهما - مالًا، فقيل لعثمان: إنك قد غيبت وكان المال بالكوفة، قال: وهو مال آل طلحة الآن بها، وقال عثمان: لي الخيار لأني بعت ما لم أر، وقال طلحة: لي الخيار لأني اشتريت ما لم أر، فحكم بينهما جبير بن مطعم، فقضى أن الخيار لطلحة، ولا خيار لعثمان".
وأخرجه البيهقي (١) نحوه.
قوله: "فاتفق هؤلاء الثلاثة" أراد بهم: عثمان وطلحة وجبير بن مطعم، وأشار بهذا إلى أن هؤلاء الثلاثة لما اتفقوا بحضرة الصحابة على جواز بيع شيء غائب، ولم ينكر عليهم أحد من الصحابة، وقع موقع الإجماع، فلا يجوز خلافه.
ص: وقد حدثنا فهد، قال: ثنا أبو اليمان، قال: أنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: أخبرني سالم: "أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - ركب يومًا مع عبد الله بن بحينة -وهو رجل من أزد شنوءة حليف لبني عبد المطلب وهو من أصحاب النبي -عليه السلام- إلى أرض له بريم، فابتاعها منه عبد الله بن عمر على أن ينظر إليها، وريم من المدينة على قريب من ثلاثين ميلًا".
فهذا عبد الله بن عمر، وعبد الله بن بحينة قد تبايعا ما هو غائب عنهما، ورأيا ذلك جائزًا.