حازم، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس:"أن رجلًا زوج ابنته وهي بكر وهي كارهة، فأتت النبي -عليه السلام- فخيرها". فكان من طعن من يذهب إلى الآثار والتمييز بين رواتها وتثبيت ما روى الحافظ منهم وإسقاط ما روى من هو دونه: أن قالوا: هكذا روى هذا الحديث جرير بن حازم، وهو رجل كثير الغلط، وقد رواه الحفاظ عن أيوب على غير ذلك، منهم سفيان الثوري وحماد بن زيد وإسماعيل بن علية، فذكروا في ذلك ما حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن ابن عبد الوهاب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أيوب السختياني، عن عكرمة:"أن النبي -عليه السلام- فرق بين رجل وبين امرأته زوجها أبوها وهي كارهة وكانت ثيبًا". فثبت بذلك عندهم خطأ جرير في هذا الحديث من وجهين: أما أحدهما: فإدخاله ابن عباس فيه، وأما الآخر: فذكره أنها كانت بكرًا، وإنما كانت ثيبًا.
ش: أي ومع ما ذكرنا من الدليل لأهل المقالة الثانية "فقد روى أهل هذا المذهب" وأراد بهم: أهل المقالة الثانية "لمذهبهم آثارًا"، أي أحاديث "احتجوا له"، أي لمذهبهم "بها" أي بهذه الآثار، وأراد بذلك أنهم لم يكتفوا بالجواب عن حديثي أبي موسى وأبي هريرة وبمنعهم استدلال أهل المقالة الأولى بذلك، بل مع هذا رووا أحاديث وآثارًا لما ذهبوا إليه من عدم جواز إجبار الأب ابنته البالغة على زواجها.
قوله:"غير أن في بعضها" أي في بعض الآثار التي احتجت بها أهل المقالة الثانية "طعنا على مذهب أهل الآثار" وأراد بذلك من جهة حال الإسناد والمتن، فإن أهل الآثار مذهبهم في هذين الفصلين بخلاف مذهب الفقهاء؛ فإن أكثرهم يحتجون بالآثار ولا يتعرضون للإسناد ولا للمتن، فلذلك قال:"على مذهب أهل الآثار".
قوله:"وأكثرها سليم من ذلك" أي وأكثر الآثار التي احتجت بها أهل المقالة الثانية سليم من الطعن على مذهب أهل الآثار، وإن كانوا قد طعنوا في بعضها.