للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وقالوا: ليس في قصد النبي -عليه السلام- في الأثرين المرويين في ذلك في أول هذا الباب إلى اليتيمة ما يدل أن غير اليتيمة في ذلك على خلاف حكم اليتيمة، قد يجوز أن يكون أراد بذلك سائر الأبكار اليتامى وغيرهن، وخص اليتيمة بالذكر؛ إذ كان لا فرق بينها في ذلك وبين غيرها؛ ولأن السامع ذلك منه في اليتيمة البكر يستدل به على حكم البكر غير اليتيمة، وقد رأينا مثل هذا في القرآن، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيما حرم من النساء: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي في حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (١) فذكر الربيبة التي في حجر الزوج، فلم يكن ذلك على تحريم الربيبة التي في حجر الزوج دون الربيبة التي هي أكبر منه، بل كان التحريم عليهما جميعًا، فكذلك ما ذكرنا عن رسول الله -عليه السلام- في البكر اليتيمة ليس على اليتيمة البكر خاصة، بل هو على البكر اليتيمة وغير اليتيمة، وكان ما سمع أصحاب رسول الله -عليه السلام- من ذلك في اليتيمة البكر دليلًا لهم أن ذات الأب فيه كذلك، إذا كانوا قد علموا أن البكر قبل بلوغها إلى أبيها عقد البياعات على أموالها وعقد النكاح على بِضْعِها، ورأوا بلوغها يرفع ولاية أبيها عليها في العقود على أموالها، فكذلك يرفع عنها العقود على بِضْعها.

ش: أي قال هؤلاء الآخرون. . . . إلى آخره، وهذا جواب عما احتج به أهل المقالة الأولى في الحديثين [. . . .] (٢).

ص: ومع هذا فقد روى أهل هذا المذهب لمذهبهم آثارا احتجوا له بها، غير أن في بعضها طعنا على مذهب أهل الآثار وأكثرها سليم من ذلك، وسنأتي بها كلها وبعللها وفساد ما يفسده أهل الآثار منها في هذا الباب إن شاء الله تعالى.

فمما روي في ذلك مما طعن فيه أهل الآثار: ما حدثنا أبو أمية ومحمد بن علي بن داود، قالا: ثنا الحسين بن محمد المروزي، قال: ثنا جرير بن


(١) سورة النساء، آية: [٢٣].
(٢) طمس في "الأصل، ك".

<<  <  ج: ص:  >  >>