للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن قدامة (١): قال ابن المنذر: أجمع كل من حفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز إذا زوجها من كفؤ، يجوز له تزويجها مع كراهتها وامتناعها، وأما البكر البالغة العاقلة فعن أحمد روايتان:

إحداهما: له إجبارها على النكاح، ويزوجها بغير إذنها كالصغيرة، وهذا مذهب مالك، وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق.

والثانية: ليس له ذلك، واختارها أبو بكر، وهو مذهب الأوزاعي والثوري وأبي عبيد وأصحاب الرأي وابن المنذر.

وفي "المحلى" (٢) قال ابن شبرمة: لا يجوز إنكاح الأب ابنته الصغيرة إلا حتى تبلغ وتأذن، ورأى أمر عائشة - رضي الله عنها - خصوصًا للنبي -عليه السلام-.

قوله: "وقالوا" أي هؤلاء القوم، وهذا إشارة إلى وجه استدلالهم بحديث أبي موسى وأبي هريرة المذكورين فيما مضى فيما ذهبوا إليه، وهو استدلال بالمفهوم المخالف، وهو ليس بحجة فافهم.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ليس لولي البكر أبًا كان أو غيره أن يزوجها إلا بعد استئمارها.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الأوزاعي والثوري والحسن بن حَيّ وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وأحمد -في رواية، وهي اختيار أبي بكر من أصحابه- وأبا عبيد، وأبا ثور وأهل الظاهر، فإنهم قالوا: ليس للأب أن يجبر ابنته البالغة على زواجها، ولا يزوجها إلا بإذنها، وكذلك غير الأب من أوليائها، والأصل في هذا الموضع أن علة الإجبار الصغر عند هؤلاء، والبكارة عند أهل المقالة الأولى، فتُجْبر البكر عندهم وإن كانت بالغة، ولا تُجْبر الثيب وإن كانت صغيرة، وأما البكر الصغيرة فتجبر إجماعًا، والثيب الكبيرة لا تجبر إجماعًا.


(١) "المغني" (٧/ ٣٧٩).
(٢) "المحلى" (٩/ ٤٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>