للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "اليتيمة تستأمر، في نفسها، فإن صمتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها".

وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن.

وأخرجه النسائي (١): عن عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي -عليه السلام- نحوه.

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن للرجل أن يزوج ابنته البكر البالغ بغير أمرها ولا استئذانها ممن رأى، ولا رأي لها في ذلك معه عندهم، قالوا: ولما قصد النبي -عليه السلام- في الأثرين المذكورين في أول هذا الباب بما ذكرنا فيهما من الصمات والمحكوم له بحكم الإذن إلى اليتيمة، وهي التي لا أب لها، دَلَّ ذلك على أن ذات الأب في ذلك بخلافها، وأن أمر أبيها عليها أوكد من أمر سائر أوليائها بعد أبيها، وممن ذهب إلى هذا القول مالك بن أنس -رحمه الله-.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: الحسن البصري وإبراهيم النخعي والليث بن سعد وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد وإسحاق؛ فإنهم قالوا: يجوز للرجل أن يزوج ابنته البكر البالغ رضيت بذلك أو لم ترض، وممن قال بذلك: مالك بن أنس.

وقال أبو عمر (٢): أجمع العلماء على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة ولا يشاورها؛ لتزويج رسول الله -عليه السلام- عائشة - رضي الله عنها - وهي بنت ست سنين، إلا أن العراقيين قالوا: لها الخيار إذا بلغت، وأبى ذلك أهل الحجاز، واختلفوا في الأب هل يجبر ابنته الكبيرة على النكاح أم لا؟ فقال مالك والشافعي وابن أبي ليلى: إذا كانت المرأة بكرًا؛ كان لأبيها أن يجبرها على النكاح ما لم يكن ضررًا بيِّنًا، وسواء كانت صغيرة أو كبيرة؛ وبه قال أحمد وإسحاق.


(١) "المجتبى" (٦/ ٨٧ رقم ٣٢٧٠).
(٢) "التمهيد" (١٩/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>