للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه أحمد في "مسنده" (١): ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني أسد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافًا".

قوله: "وعنده أوقية" قد مر الكلام فيه مستوفى في كتاب الزكاة، وقال أبو عمر: الأوقية إذا أطلقت فإنما يراد بها الفضة دون الذهب وغيره، هذا قول العلماء، والأوقية أربعون درهمًا وهي بدراهمنا اليوم ستون درهمًا أو نحوها.

قوله: "أو عدلها" يريد قيمتها، يقال: هذا عَدْل الشيء، أي: ما يساويه في القيمة، وهذا عِدْله -بكسر العين- أي: نظيره ومثله في الصورة والهيئة.

قوله: "إلحافًا" من ألحف في المسألة: إذا بالغ فيها وألح، يقال: ألح وألحف، وقيل: ألحف شمل بالمسألة، ومنه اشتق اللحاف.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: من ملك خمسين درهمًا أو عدلها من الذهب حرمت عليه الصدقة، ولم تحل له المسألة، ومن ملك ما دون ذلك لم تحرم عليه الصدقة.

ش: أي خالف الفريقين المذكورين جماعة آخرون فيما ذهبوا إليه، وأراد بهم: إبراهيم النخعي وسفيان الثوري والحسن بن حي وعبد الله بن المبارك ومالكًا في رواية وأحمد في الأصح والشافعي في قول وإسحاق؛ فإنهم قالوا: تحرم الصدقة على من يملك خمسين درهمًا أو عدلها من الذهب.

وقال ابن قدامة: قال مالك والشافعي: لا حَدَّ للغنى معلومًا، وإنما يعتبر حال الإنسان بوسعه وطاقته، فإذا لم يكن محتاجًا حرمت عليه الصدقة، وهو اختيار أبي الخطاب من أصحابنا، وعن أحمد مثله.

وقال أبو عمر: قال الشافعي: يعطى الرجل على قدر حاجته حتى يخرجه ذلك من حد الفقر إلى حد الغنى، كان ذلك يجب فيه الزكاة أو لا، ولا أحدُّ


(١) "مسند أحمد" (٤/ ٣٦ رقم ١٦٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>