للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: أبوال الإبل نجسة وحكمها حكم دمائها, لا حكم لحومها.

ش: أي: خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: أبا حنيفة وأبا يوسف والشافعي وأبا ثور وآخرين كثيرين؛ فإنهم قالوا: أبوال الإبل نجسة وحكمها حكم دمائها في النجاسة، لا حكم لحومها.

وقال ابن حزم في "المحلى" (١): والبول كله من كل حيوان، إنسان أو غير إنسان، مما يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه، [ونَجْو كل ما ذكرنا] (٢) كذلك، أو من طائر، يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه، فكل ذلك حرام كله وشربه، إلَّا لضرورة تداوي أو إكراه، أو جوع أو عطش فقط، وفرضٌ اجتنابه في الطهارة والصلاة، إلَّا ما لا يمكن التحفظ منه إلَّا بحَرَجٍ (٣)، فهو معفو عنه كونيم الذباب، ونَجْو البراغيث.

وقال داود (٤): بول كل حيوان ونَجْوُه، أكل لحمه أو لم يؤكل فهو طاهر، حاشي بول الإنسان ونجْوه فقط؛ فهما نجسان.

ص: وقالوا: أما ما رويتموه من حديث العرنيين فذلك إنما كان للضرورة، فليس في ذلك دليل أنه مباح في غير حال الضرورة؛ لأَنَّا قد رأينا أشياء أُبيحت في الضرورات، ولم تُبَح في غير الضرورات.

ش: أي: قال أهل المقالة الثانية مجيبين عما احتج به أهل المقالة الأولى.

بيانه: أن ما رويتم من حديث العرنيين كان ذلك لأجل الضرورة، فما أبيح في الضرورة لا يباح في غيرها، كما في لبس الحرير، فإنه حرام على الرجال، وقد


(١) "المحلى" (١/ ١٦٨).
(٢) "ونجو كل ما ذكرنا": كذا بالجيم المعجمة في "الأصل، ك"، وفي "المُحلَّى" (١/ ١٦٨): "نحو ما ذكرنا" بالحاء المهملة وهو تحريف.
(٣) في "الأصل، ك"؛ أن لا يخرج، والتصويب من "المحلى".
(٤) "المحلى" (١/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>