قوله:"في قميص الحرير" وفي رواية غيره: "في قُمُص الحرير" على لفظ الجمع.
قوله:"في غزاة لهما" وفي رواية أبي داود ومسلم: "في السفر"، وهذا أعم؛ لتناوله الغَزَاة وغيرهَا.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أباح الحريرَ لمن أباح له لبسه من الرجال للحكة التي كانت، فكان ذلك من علاجها, ولم يكن في إباحته ذلك لهم للعلل التي كانت بهم ما يدل على أن ذلك كان مباحا في غير تلك العلل، فكذلك أيضا ما أباحه رسول الله - عليه السلام - للعُرَنِيِّين للعلل التي كانت بهم، فليس في إباحته ذلك لهم دليل على أن ذلك مباح في غير تلك العلل، ولم يكن في تحريم لبس الحرير ما ينفي أن يكون حلالا في حال الضرورة، فكذلك حُرْمة البول في غير حال الضرورة ليس فيه دليل أنه حرام في حال الضرورة، فثبت بذلك أن قول النبي - عليه السلام - في الخمر:"إنها داء وليس شفاء"، إنما هو لأنهم كانوا يتشفون بها لأنها خمرٌ؛ فذلك حرام، وكذلك قول عبد الله -عندنا-: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" إنما هو لما كانوا يفعلون بالخمر، لأعظامهم إياها, ولأنهم كانوا يعدونها شفاء في نفسها، فقال لهم:"إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم".
فهذه وجوه هذه الآثار, فلما احتملت ما ذكرنا ولم يكن فيها دليل على طهارة الأبوال، احتجنا أن نُراجع، فنلتمس ذلك من طريق النظر، فنعلم كيف حكمه؟ فنظرنا في ذلك، فإذا لحوم بني آدم كلُّ قد أجمع أنها لحوم طاهرة، وأن أبوالهم حرام نجسه، فكانت أبوالهم باتفاقهم محكوما لها بحكم دمائهم، لا بحكم لحومهم، فالنظر على ذلك أن تكون كذلك أبوال الإبل يُحكم لها بحكم دمائها لا بحكم لحومها. فثبت بما ذكرنا أن أبوال الإبل نجسة، فهذا هو النظر، وهو قول أبي حنيفة:
ش: النُّسَخ في هذا الموضع مختلفة، وأحسنها ما كتبناه، وهو ظاهر لا يحتاج إلى البيان.