وجواب آخر عن حديث عمار: أنه لما اختلفت أحاديثه في هذا الباب، واتفقوا أن التيمم إلى المناكب غير ثابت الحكم مع ذلك، على أن عمارا لم يَعْزُ ذلك إلى النبي - عليه السلام - وإنما حكى فعل نفسه، فلم يثبت التيمم إلى المناكب وإن كان له وجه في الاحتمال، وهو أنه جائز أن يكون عمار ذهب في ذلك مذهب أبي هريرة في غَسْلِه ذراعيه في الوضوء إلى إبطيه، على وجه المبالغة فيه، لقول النبي - عليه السلام -: "إنكم الغُرُّ المحجلون من آثار الوضوء، فمن أراد منكم أن تطول غرته فليفعل. فقال أبو هريرة: إني أحب أن أطيل غُرَّتي"(١).
ثم بقي من أخبار عمار ما عزاه إلى النبي - عليه السلام - الوجه والكفان، ونصف الذراع إلى المرفقين، فكانت رواية من روى إلى المرفقين أولى؛ لوجوه:
إحداها: أنه زائد على روايات الآخرين، وخبر الزائد أولى.
والثاني: أن آية الوضوء تقتضي اليدين إلى المنكبين، لدخولهما تحت الاسم، ولا يخرج منه شيء إلا بدليل، وقد قامت الدلالة على خروج ما فوق المرفقين، فبقي حكمه إلى المرفقين.
والثالث: أن في حديث أبي عامر وجابر والأسلع: التيمم إلى المرفقين من غير اختلاف عنهم في رواياتهم.
ثم رجال حديث عائشة - رضي الله عنها - ثقات، غير أن في عبد الله بن لهيعة مقالا.
وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب أبو عبد الله المصري، بَحْشَل، ابن أخي عبد الله ابن وهب، روى عنه مسلم وابن جرير الطبري وابن خزيمة.
وعمه عبد الله بن وهب.
وأبو الأسود عبد الرحمن المدني.
وحديث انقطاع العقد حديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود، وليس في حديثهم ذكر صفة التيمم.