للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: ومما يدل على ما قلنا من ذلك ما:

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، حدثه أنه سمع عروة يخبر، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "أقبلنا مع النبي - عليه السلام - في غزوة [له] (١) حتى إذا كنا بالمعرَّس، قريبا من المدينة، نَعَسْتُ من الليل، وكانت عليَّ قلادة تدعي السِمْط، تبلغ السُّرّةَ، فجعلت أَنْعُسُ، فخرجتْ من عنقي، فلما نزلتُ مع النبي - عليه السلام - لصلاة الصبح، قلت: يا رسول الله، خرَّت قلادتي. فقال للناس: إن أمكم قد ضلّت قلادتها فابتغوها، فابتغاها الناس، ولم يكن معهم ماء، فاشتغلوا بابتغائها إلى أن حضرتهم الصلاة، ووجدوا القلادة، ولم يقدروا على ماء، فمنهم من تيمم إلى الكف، ومنهم من تيمم إلى المنكب، وبعضهم تيمم على (جلده) (٢) فبلغ ذلك رسول الله - عليه السلام - فأنزلت آية التيمم.

ففي هذا الحديث: أن نزول آية التيمم كان بعد ما تيمموا هذا التيمم المختلِف، الذي بعضه إلى المناكب، فعلمنا بتيممهم أنهم لم يفعلوا ذلك إلا وقد تقدم عندهم أصل التيمم، وعلمنا بقولها: "فأنزل الله -عز وجل- آية التيمم" الذي نزل بعد فعلهم هو صفة التيمم، فهذا وجه حديث عمار عندنا.

ش: أي: من الذي يدل على ما قلنا من ذلك، أي: من قولنا، فقد يحتمل أن تكون الآية لما أنزلت لم تنزل بتمامها .. إلى آخره.

وجه دلالة هذا الحديث على ما قاله، أن نزول آية التيمم كان بعد ما تيمموا تيمما مختلفا في نفسه، من غير أن يحيطوا علما بصفته وكيفيته، ثم لما نزلت آية التيمم علموا صفة التيمم ما هي، وحديث عمار الذي فيه ذكر الآباط والمناكب محمول على هذا المعنى؛ لأنه أخبر عن التيمم الذي وقع منهم قبل نزول آية التيمم، ولهذا روى عمار بعد هذا أن التيمم للوجه والكفين، على ما يجيء إن شاء الله.


(١) في "الأصل، ك": "كذا"، وهو تحريف، وستأتي في الشرح على الصواب، والمثبت من "شرح معاني الآثار" (١/ ١١١).
(٢) كذا في "الأصل، ك"، وفي "شرح معاني الآثار" (١/ ١١١) جسده.

<<  <  ج: ص:  >  >>