وقال الشافعي لا يجوز للحاضر الصحيح أن يتيمم، إلَّا أن يخاف التلف. وبه قال الطبري.
وقال أبو يوسف وزفر: لا يجوز التيمم في الحضر لا لمرض ولا لخوف خروج الوقت.
وقال الشافعي أيضا والليث والطبري: إذا عدم الماء في الحضر مع خوف فوت الوقت، الصحيح والسقيم يتيمم ويصلي ويعيد.
وقال عطاء بن أبي رباح: لا يتيمم المريض إذا وجد الماء، ولا غير المريض.
قلت: قوله وهذا كله قول أبي حنيفة؛ غير صحيح، فإن عنده لا يجوز التيمم لأجل خوف فوت الوقت، كما هو مقرر في كتب أصحابه.
الخامس: فيه دليل على أنه ليس للمرء أن ينصرف عن سفر لا يجد فيه ماء، ولا يترك سلوك طريق لذلك، وخشية سلوك ما أباح الله له.
السادس: فيه دليل على حرمة الأموال الحلال.
السابع: فيه دليل على جواز حفظ الأموال وإن أدى إلى عدم الماء في الوقت.
ص: ومما يدل أيضا على أن هذه الآية تنفي ما فعلوا من ذلك، أن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - وهو الذي روى ذلك عن النبي - عليه السلام - قد روي عنه في التيمم الذي عمله بعد ذلك خلاف ذلك، فمنه: ما حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن عَزْرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبْزى، عن أبيه:"أن عمار بن ياسر سأل النبي - عليه السلام - عن التيمم، فأمره بالوجه والكفين".
ش: أي: ومن جملة الدليل الذي يدل على أن آية التيمم تنفي وترد ما كان الصحابة قد فعلوا من ذلك، أي: من تيممهم إلى الآباط والمناكب، أن عمار بن ياسر وهو الذي روى ذلك الفعل عن النبي - عليه السلام - قد روي عنه أيضا في صفة التيمم الذي عمله بعد ذلك، خلاف ذلك، فدل أن المتأخر ناسخ لما قد كان أولا، كما قد ذكرناه.