للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: من أين لكم أن عثمان لم يغتسل في صدر يومه ذلك؟ ومن أين لكم أن عمر - رضي الله عنه - لم يأمر بالرجوع للغسل؟

قلت: من أين لكم أنه اغتسل في صدر يومه؟ ومن أين لكم أن عمر أمره بالرجوع؟ بل القرائن دلّت على ما ادّعينا، والأصل عدم الغسل من عثمان، وعدم الأمر بالرجوع له من عمر، فمن ادعى خلافة فعليه البيان.

فإن قيل: قطع عمر الخطبة منكرًا على عثمان أن لم يوصل الغُسْلَ بالرواح، دليل على أن ذلك واجب عنده، وموافقة الصحابة أيضًا عمر - رضي الله عنه - على قوله ذلك، حيث لم ينكروا عليه قطع خطبته، فهذا أيضًا يدل على أنه واجب عندهم.

قلت: قَطْعُ عمر خطبته إنما كان للتعريف لعثمان بما فاته من فضل التهجير، وأنه وقت طيِّ الصحف، ولهذا قال: "أيَّة ساعةٍ هذه؟ " على طريق التوبيخ والتقريع؛ ليسمع الحاضرون ذلك ويبكروا إلى الجمعة، ولم يكن ذلك لأجل الأمر بالغسل ولا بغيره.

فإن قيل: أليس هذا لغوًا، واللغو قد نهي عنه في الخطبة؟

قلت: ليس الأمر كذلك بل إنما هو أمر بالمعروف، وترغيب بالمبادرة إلى النداء، واللاغي مَنْ أعرض عن استماع الخطبة، وشغل نفسه عنها بكلام أو غيره مما يمنعه من السماع.

ومن المعاني التي تدل على نفي وجوب الغسل: ما قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله: "وسأخْبركم كيف كان بَدْءُ الغسل: كان الناس مجهودين ... " إلى آخره.

ومنها: ما قالت عائشة - رضي الله عنها -: "كان الناس عُمَّال أنفسهم ... " إلى آخره أشار إلى ذلك بقوله: "وإنما لعلة ما قال ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم -".

ومنها: أن يكون ذلك لزيادة التنظيف والمبالغة في الطهارة.

ومنها: تعظيم يوم الجمعة بمباشرة الطهارة الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>