ص: حدثنا فهد، قال: نا أبو غسان، قال: نا جويرية، عن نافع، عن ابن عمر:"أن رجلًا من المهاجرين الأولين دخل المسجد وعمر - رضي الله عنه - يخطب، فناداه عمرك أيَّة ساعة هذه؟ فقال: ما كان إلا الوضوء ثم الإقبال. فقال عمر: والوضوء أيضًا؟ لقد علمت أنا كنا نؤمر بالغسل".
ش: هذا وجه آخر صحيح من حديث ابن عمر، عن فهد بن سليمان، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي الكوفي، عن جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر، إلى آخره.
قوله:"ثم الإقبال" أي: التوجه إلى الصلاة.
ص: ففي هذه الآثار غيرُ معنى يَنْفِي وجوب الغسل:
أما أحدها: فإن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لم يغتسل، واكتفى بالوضوء، ولم يأمره عمر أيضًا بالرجوع لأمر رسول الله - عليه السلام - إياه بالغسل، ففي ذلك دليل على أن الغسل الذي كان أمره به لم يكن عندهما على الوجوب، وإنما كان لِعِلَّةِ ما قال ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم -، أو لغير ذلك، ولولا ذلك لما تركه عثمان ولا سكت عمر عن أمره إياه بالرجوع حتى يغتسل، وذلك بحضرة أصحاب النبي - عليه السلام - الذين قد سمعوا ذلك من النبي - عليه السلام - كما سمعه عمر، وعلموا معناه الذي أراده، فلم ينكروا من ذلك شيئًا، ولم يأمروا بخلافة، ففي هذا إجماع منهم على نفي وجوب الغسل.
ش: أي: الآثار المروية عن عمر - رضي الله عنه -.
قوله:"غير معنى" كلام إضافي، مبتدأ وخبره.
قوله:"ففي هذه الآثار" والمعنى: أن في هذه الآثار معانٍ كثيرةٌ تدل على نفي وجوب الغسل يوم الجمعة.
"أما أحدها" أي: أما أحد المعاني التي تدل على نفي وجوب الغسل، "فإن عثمان ... " إلى آخره، وهذا المعنى ظاهر.