جنابة أو للجمعة؟ قلت: من جنابة، قال: أعد غسلًا آخر؛ إني سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى".
وأما خبر عبد الرحمن بن أبزى فإنه خلاف خبر أبي قَتَادَة على ما نذكره عن قريب وكان ينبغي أن يذكره في الجواب عن أخبار هؤلاء، على أنه قال: وقد روينا عن عبد الرحمن بن أبزى خلاف ذلك.
ويستفاد منه شيئان:
الأول: عدم وجوب الغسل يوم الجمعة؛ لأنه لو كان واجبًا عنده لأعاده بعد الحدث، لأجل الصلاة به.
والثاني: فيه حجة لمن يرى أن غسل يوم الجمعة لليوم لا للصلاة؛ إذْ لو كان للصلاة لكان عبد الرحمن بن أبزى يعيد غسله إذا أحدث، وإليه ذهب الحسن بن زياد من أصحابنا، وقال أبو يوسف: للصلاة، وهو قول طاوس وإبراهيم التيمي ومحمد بن سيرين.
وقال ابن حزم في "المحلى": وغسل يوم الجمعة إنما هو لليوم لا للصلاة، فإن صلى الجمعة والعصر ولم يغتسل أجزأه ذلك، وأول وقته إثْر طلوع الفجر من يوم الجمعة إلى أن يبقى من قرص الشمس مقدار ما يتم غسله كله قبل غروب آخره، وأفضله أن يكون متصلًا بالرواح إلى الجمعة.
وقال أبو حنيفة والليث وسفيان وعبد العزيز بن أبي سلمة والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وداود كقولنا، وقال طاوس والزهري وقَتَادَة ويحيي بن أبي كثير: من اغتسل للجمعة ثم أحدث، يستحب أن يعيد غسله.
وقال مالك والأوزاعي: لا يجزئ غسله يوم الجمعة إلا متصلًا بالرواح، إلا أن الأوزاعي، قال: إن اغتسل قبل الفجر ونهض (إلى الجمعة)(١) أجزأه.
(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "المحلى" (٢/ ٢٢).