وأباح لنا النظر إلى وجهه المجيد في دار السلام وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان والآثام.
ــ
المندوب تكليف ومأمور به حقيقة فيكون للفور، ولغة المدعو لهم، من الندب وهو الدعاء لأمر مهم، قال الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا
وشرعاً ما أثيب فاعله ولو قولاً وعمل قلب ولم يعاقب تاركه مطلقاً. والشريعة الغراء الشريفة.
(فائدة) الأحكام جمع حكم، وهو في اللغة القضاء والحكمة، وفي الإصطلاح مدلول خطاب الشرع، فإن ورد بطلب فعل مع جزم -أي قطع- مقتض للوعيد على الترك فإيجاب نحو (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وإن ورد بطلب فعل ليس معه جزم فندب نحو (وأشهدوا إذا تبايعتم) وإن ورد بطلب ترك مع جزم أي قطع مقتض للوعيد على الفعل فتحريم نحو (لا تأكلوا الربا). وإن ورد بطلب ترك ليس معه جزم فكرتهة كقوله عليه السلام (إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة). وإن ورد بتخيير بين الفعل والترك فإباحة كقوله عليه السلام حين سئل عن الوضوء من لحوم الغنم "إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ" وإن لم يرد خطاب الشرع بشيء من هذه الصيغ الخمس وورد بنحو صحة أو فساد أو نصب الشيء سبباً أو مانعاً أو شرطاً أو كون الفعل أداء أو قضاء أو رخصة أو عزيمة سمي خطاب الوضع، ويسمى الأول خطاب التكليف. ولا تتقيد استفادة الأحكام من صريح الأمر والنهي بل تكون بنص أو إجماع أو قياس. والمشكوك ليس بحكم. والوقف مذهب والله أعلم.
(وأباح لنا النظر إلى وجهه المجيد في دار السلام) والمباح لغة المعلن، وشرعاً ما خلا من مدح وذم لذاته وليس مأموراً به، وتقدم بعض الكلام عليه. والمجيد قيل الشريف وقيل العظيم وقيل المقتدر على الإنعام والفضل. ودار السلام هي الجنة.
(وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان والآثام) والمكروه ضد المندوب ولغة ضد المحبوب، قال الله تعالى (وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان) فأخبر عز وجل أنه بغض إلى المؤمن المعصية فلا يتعمدها ولكن يقع فيها غفلة. والمكروه شرعاً ما مدح تاركه ولم يذم فاعله، وهو تكليف ومنهي عنه حقيقة ومطلق الأمر