للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن التفاضل حاصل من الجهة المتناهية لا الثانية.

٣ - أن التطبيق يصح في الموجود لا المعدوم.

ثم إن هذه المقدمة تلزمهم بلوازم ممتنعة مما يدل على فسادها؛ إذ بطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم، ومن ذلك أن المقدمة الثانية "كل حادث لا بد له محدث" التي تعد من المسلمات المعلوم صدقها بالضرورة لم يسلم للمتكلمين إثباتها وفق هذا الأصل المبتدع الذي استندوا إليه في إثبات أن العالم حادث، حيث لزمهم في إثبات هذا المحدث أن لا يكون حادثًا ولا قديمًا، أما الحادث فلا يمكن لامتناع التسلسل. (١) أو الدور القبلى (٢) بين الفاعلين، وقد أقروا بذلك.

وأما القديم فلا يصح إثباتهم له؛ لأنه إما أن يكون فعله قديمًا، ويمتنع عدم فعله لأن في ذلك نقصًا ينافى الكمال، وعلى ذلك لا بد أن تكون المفعولات هي أيضًا أزلية؛ لأن كل فعل أنتج مفعولًا لا بد أن يتعلق به مفعوله، وهذا ما يبطله مشاهدة حدوث المفعولات. فلم يبق إلا أن يكون الفعل الذي تعلقت به الحوادث حادثًا، فنتج بذلك فعل حادث عن فاعل قديم، وهذا ما لا يقرون به وفقًا لأصلهم الفاسد.

ومن جهة أخرى فإن كون الفاعل يفعل مرة دون مرة، دل على اتصافه بصفة رجحت الفعل على الترك، وإلا لزم الترجيح بلا مرجح وهو محال؛ لأن المقدر تساويهما بالنسبة للفاعل، فترجيح إحداهما على الأخرى دل على وجود علة رجحت الحدوث على العدم، ولا يصح نسبة هذا الترجيح للإرادة القديمة، كما يدعى المتكلمون.

وقد كان هذا القول منهم مدعاة للفلاسفة للتبجح بمذهبهم الباطل في قدم


(١) والمقصود من التسلسل هنا أن يفتقر المحدث إلى محدث ويمر الأمر إلى غير نهاية.
(٢) الدور القبلى هنا: أن يتوقف وجود المحدث على محدث وبالعكس، يكون كل منهما باعتباره علة متقدمًا وباعتباره معلولًا متأخرًا.، فيلزم اجتماع النقيضين انظر: ابن تيمية السلفى: ٧، د. محمد خليل هراس.

<<  <   >  >>