للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ١٨٨].

وبهذا يعلم أن في تقرير الصوفية لما يسمى بالحقيقة المحمدية خروجًا على مبادئ التصور السليم لحقيقة الأنبياء المرسلين، كما بينها القرآن والسنة المطهرة: من كونهم بشر قد خصهم الله تعالى بكلامه، قدراتهم محدودة، ليس لهم من الأمر من شيء، لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا إلا بإذن الله. هذا والمتأمل لآيات الذكر الحكيم يجدها تبدى وتعيد في تقرير هذه الحقيقة؛ حتى لا يخرج الناس عن هذا التصور السليم إلى الشرك بالله، كما وقع ذلك من اليهود والنصارى لعنهم الله. وقد سبق بيان تحذير النبي - عليه الصلاة والسلام - من فعلهم.

أما عن التوسل بالصالحين، فلا بد من بيان الوجه المشروع، حيث دلت النصوص الشرعية أنه يحصل الانتفاع بالاقتداء بهم ومحبتهم، قال - عليه الصلاة والسلام -: (المرء مع من أحب) (١).

كما يحصل من دعائهم ومجالس علمهم، فقد روى الصحابى الجليل أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: (إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلًا، يتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذكر قعدوا معهم، وحف بعضهم بعضًا بأجنحتهم، حتى يملؤا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض، يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك، قال: وماذا يسألونى؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال: وهل رأوا جنتى؟ قالوا: لا يا رب، قال: فكيف لو رأوا جنتى؟ قالوا: ويستجيرونك، قال: ومم يستجيروننى؟ قالوا: من نارك يا رب، قال: وهل رأوا نارى؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا نارى؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول:


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأدب - باب علامة حب الله عز وجل، رقم الحديث: ٦١٦٨, =

<<  <   >  >>