للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه ينسب لله من حيث إيجاده ولجبريل من حيث تلقيه عن الله، ولمحمد من حيث تلقيه عن جبريل" (١).

* * *

سادسًا: السمع والبصر، وكل واحدة منهما "صفة أزلية قائمة بذاته تعالى تتعلق بجميع الموجودات تعلق إحاطة وانكشاف"، "فيسمع الأصوات ولو خفية جدًا كدبيب النملة السوداء في الليل المظلم، ويبصر الأشياء ولو دقيقة، ولكن سمع الله ليس بصماخ وآذان، وبصره ليس بحدقة وأجفان، ليس كمثله شيء".

ثم يجمل الاستدلال على هذه الثلاث، بالنقل والإجماع واللغة، يقول: "ودليل هذه الصفات الثلاثة نقلى من الكتاب والسنة والإجماع والتواتر، قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]، {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، وأجمع أهل الأديان والعقلاء على أنه سميع بصير متكلم، ، والمشتق يدل على المشتق منه خلافًا للمعتزلة النافين للمعانى، حيث قالوا: سميع بلا سمع بل بذاته". (٢)

والصاوى يثبت ما أثبته شيخه الدردير من وجود صفات حادثة لله تعالى عبر عنها بالتعلق التنجيزى الحادث لصفات المعاني، يقول: "اعلم أن صفات الله كلها عظيمة قديمة إلا صفات الأفعال؛ فإنها وإن كانت عظيمة إلا أنها ليست قديمة". (٣)

ولكنه مع ذلك لا يثبتها على جهة الحقيقة تخلصًا من إلزامه بتجويز قيام الحوادث في ذات الرب تعالى، بل يرجعها إلى أمور اعتبارية لا تخرجها عن العدم، يقول: "ولا يلزم قيام الحوادث بذاته إلا إذا كانت تلك الصفات الحادثة المتصف بها وجودية كالبياض والسواد ونحوهما، وأما إذا كانت الصفات الحادثة المتصف بها اعتبارية لا


(١) حاشية الجلالين: (٤/ ٢٣٢).
(٢) حاشية جوهرة التوحيد: ٢٦. وحاشية الخريدة البهية: ٧٩. وانظر: في صفة الكلام حاشية الجلالين: (٣/ ١٥٨ - ٢٠/ ٣٤٢ - ٢٤٣).
(٣) المرجع السابق، وانظر: حاشية الجلالين: (١/ ١٨).

<<  <   >  >>