للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعتقاد خلاف يلزمه أحد أمرين: اما حدوث المخلوقات بلا سبب يخصص أحد الأوقات وهذا مما لا يقبله العقل، وإما أن يمتنع القول بحدوث الموجودات ويحكم لها بالقدم مماثلة لقول الفلاسفة الملحدين، ولما علم أن هذا ليس هو اعتقاد المتكلمين من الأشاعرة حيث كانوا من أشد الناس عداء لهم، لزم عليهم اعتقاد الأول، وقد سبقت الإشارة إلى هذا القول من الأشاعرة كان سببًا لهجوم عنيف شنه عليهم المخالفون في حدوث العالم، وهذا ما كان من ابن رشد الذي تحدث على لسان الفلاسفة حيث ألزم المتكلمين بلوازم مذهبهم الباطل، وبين أن هذا الاعتقاد لا يسلم لهم القضية الكبرى التي لا ينازع فيها أحد، وهى اعتقاد أن كل حادث له محدث.

- أما عن صفة الكلام فقد أثبت الصاوي لله تعالى كلامًا قائمًا بالنفس، ليس بحرف ولا صوت، لا تعلق له بالإرادة، على معنى واحد لا يوصف بتقديم ولا تأخير ولا بداية ولا نهاية.

وكل هذا مخالف لما عليه سلف الأمة، ويقطع ببطلانه ما ثبت باللغة والعقل والشرع.

أما اللغة فمن المسلم أن الأبكم الذي لا يستطيع الكلام، مع ما يجول في نفسه من معانٍ قد يعبر عنها بالإشارة لا يعد متكلمًا عند أحد من الناس، فإنه قد اصطلح على أن المراد بالكلام: "النطق المفهم" ما لم توجد قرينة تدل على تعيين أحد الأمرين. (١)

أما عن بيت الأخطل الذي اعتمده المتكلمون في هذه المسألة، فقد ثبت بطلان الاستدلال به من عدة وجوه:

أولًا: يقال لهم: ثبت العرش ثم انقش. فأين ما يثبت أن هذا من شعر الأخطل أصالة؟ وقد تبين للكثير أنه لا دليل لهم في ذلك. (٢)


(١) انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس: (٥/ ١٣١).
(٢) انظر: العلو للذهبي: ١٩٤.

<<  <   >  >>