تعالى على جهة الحقيقة، كما هو عليه مذهب أهل السنة والجماعة، فتثبت النصوص الدالة عليها بلا أدني تحريف يحيل معناها.
وكما استند هذا المعتقد في الأصل إلى الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة التي تقرر إثبات هذه الصفات، فإنه أيضًا يستدل لها بالدليل العقلى المستمد من الأدلة الشرعية، وهو دليل الكمال الذي يحتم إثبات كل صفة هي من الكمال المطلق لله تعالى، كما أشرت إلى هذا من قبل.
وتأتى تبعًا لهذه الصفات التي تأولها، والتى تعد عند المتكلمين من الصفات الخبرية المحضة التي لا يتأتى الاستدلال عليها إلا بالعقل:
- صفة العلو، حيث عمد الصاوى كغيره من المتكلمين إلى إثبات هذه الصفة على الوجه الذي اعتقد فيه تنزيه المولى تعالى، فتأولها ولم يثبتها على جهة الحقيقة، بالرغم من تضافر الأدلة: عقلية، وسمعية، وفطرية على إثباتها وفق ما يقتضيه ظاهر اللفظ.
وكانت حجته، كحاله في كل ما تأوله من الصفات: مماثلة الحوادث، ويحدد وجه المماثلة بأن في إثباتها على الحقيقة ما يستلزم اتصافه تعالى بالجسمية والتحيز؛ لأن العلو جهة، ولا يوصف أحد أنه في جهة؛ إلا إذا كان جسمًا يمكن له التحيز.
- وقد تصدى علماء الأمة من السلف الكرام لدحض مثل هذه الشبه، فقد بين شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - أن في هذه الألفاظ التي يطلقها المتكلمون من أنواع المحدثات في الدين، والواجب على من عرضت له أن يفصل القول فيها؛ لأنها من الأمور المجملة التي يشمل ردها أو إثباتها على حق وباطل، لذا تحتم تفصيل القول فيها.
وقد سبق لي عرض هذه المسألة بشيء من الإيجاز، ولى أن أعرض الآن كلام شيخ الإسلام الذي تناول فيه الرد على هذه الشبهة بموضوعية لا يردها إلا صاحب هوى، قال - رحمه الله -: يقال لمن نفى الجهة: أتريد بالجهة أنها شيء موجود