للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتحصل من كل ما سبق أنه لا يمكن حصر الصفة على معنى التنزيه، أي: "إثبات العلو المعنوى" فقط، بل لا بد من الإيمان بأنها تثبت صفة العلو الذاتى أيضًا، كما ينبغى لجلاله سبحانه وتعالى:

الأحد الفرد القدير الأزلى ... الصمد البر المهيمن العلى

علو قهر وعلو شان ... جل عن الأضاد والأعوان

كذا له العلو والفوقية ... على عباده بلا كيفية (١)

* * *

والآن مع الصفات التي يتأتى إثباتها من جهة الخبر فقط، فلا يمكن الاستدلال عليها بغيره من الأدلة العقلية أو الفطرية:

أولًا: الصفات الخبرية الفعلية:

* الاستواء:

يعرض الصاوى في هذه الصفة، كمنهجه فى بعض الصفات الخبرية، طريقة السلف والخلف في معناها، ويرى أن معتقد السلف فيها هو التفويض، وينعته بالسلامة؛ لعدم تعيين معنى مراد، أما الطريقة التي اعتقد فيها الحكمة، فهى التأويل الذي يعني تحديد معنى معين، ورأى أن الاستيلاء هو أحد معانى الاستواء الذي يقتضى تنزيه المولى تعالى من تلك المعانى التي يحتملها لفظ الاستواء.

وقد سبق لي بيان خطأ الصاوى في فهمه لمنهج السلف - رضوان الله تعالى عليهم - إذ حقيقة التفويض فيه إنما ينحصر في معرفة الكيفية، وهذا ما دل عليه الإمام مالك - رحمه الله - حيث قال: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". (٢)


(١) منظومة سلم الوصول للحافظ الحكمى - رحمه الله - من مختصر معارج القبول للقحطانى: ٦٢.
(٢) رواه اللالكائى في شرح أصول الاعتقاد: (٣/ ٣٩٨). رقمه: ٦٤٤. والبغوى في: شرح السنة: (١/ ١٧١).

<<  <   >  >>