للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحكمة ثابتة لها" إذ لا سلامة إلا بالعلم والحكمة: العلم بأسباب السلامة، والحكمة في سلوك تلك الأسباب". (١)

* صفة النزول، والمجيء، والإتيان:

كانت هذه الصفات أيضًا مما اعتقد الصاوى وجوب تنزيه المولى تعالى عن ظاهرها؛ لذا قام بتأويلها وفقًا لهذا الأصل الذي اعتمده في سائر الصفات الخبرية، حيث أوَّل النزول الذي وصف به المولى تعالى بنزول أمره أو رحمته، كذلك الآيات الكريمة التي أخبرت عن مجيء الله تبارك وتعالى إلى الحساب، فحمل النصوص أمرًا لم ترد بإثباته، وخرج بذلك عن المسلك السديد فيها.

أما تأويل النزول - الذي ورد في الحديث الشريف الذي قال فيه المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، يقول: من يدعونى فاستجيب له؟ من يسألنى فأعطيه؟ من يستغفرنى فأغفر له؟ ). (٢) - بنزول الرحمة، فهذا مما يعارضه نص الحديث، وذلك لأن رحمه الله تعالى لم يرد تخصيص إنزالها في وقت دون وقت (٣)، بل قد دلت النصوص الشرعية على أن الرحمة مما يتوالى نزوله على العباد، فنزول المطر الذي لا يخصص نزوله بوقت هو من رحمة الله تعالى، قال تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم: ٥٠].

كما أن في تأويل النزول بالرحمة مناقضة لأصل منعه صفة العلو الذاتى لله تبارك وتعالى، فإثبات إنزاله تعالى للرحمة دليل واضح على كونه تعالى في علو.


= عم نفعه بلاد الحرمين فاستقى من علمه الكثير من طلبة العلم، صنف الكثير من المؤلفات العلمية منها: شرح العقيدة الواسطية، والقول المفيد في شرح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، والقواعد المثلى في الأسماء والصفات وغير ذلك، توفى - رحمه الله رحمة واسعة -: انظر: في ترجمته مقدمة كتابه شرح العقيدة الواسطية بقلم تلميذه: وليد بن أحمد الحسين الزبيرى: ١٥.
(١) فتح رب البرية بتلخيص الحموية: ١٩.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التهجد - باب الدعاء والصلاة من آخر الليل، رقمه: ١١٤٥، وأخرجه الإمام مسلم في: كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل.
(٣) انظر: شرح حديث النزول لشيخ الإسلام: ٢٣٣.

<<  <   >  >>