للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: تحقق الوعد مع وجود مقتضيه من الإيمان:

وهنا سيدور النقاش مع الصاوي في هذه القضية حول بعدين من أبعادها:

أولًا: تسمية من أتى بالتصديق المجرد عن العمل، أو من أتى بالتصديق مقترنًا بالإقرار بالمؤمن.

- وإطلاق التقوى على كل من وحد الله تعالى التوحيد المعتبر عند الأشاعرة، أو من أتي بالتقوى ولو مرة واحدة في عمره!

ثانيًا: الحكم على من صدق ولو مع انعدام العمل باستحقاق الجنة.

وهذا في الحقيقة مناقض للصريح من النصوص الشرعية كما بين ذلك العلماء.

أذكر منها: حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس حين عرف الإيمان بالأعمال الظاهرة، فقد دل هذا الحديث على أنه لا يحكم لأحد بالإيمان حتى يكون منه العمل الصالح، يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "لا إيمان باطن إلا بإسلام ظاهر، ولا إسلام ظاهر علانية إلا بإيمان سر، وأن الإيمان والعمل قرينان لا ينفع أحدهما بدون صاحبه". (١)

أما الأحاديث التي وردت في بيان فضل كلمة التوحيد، وأنها مفتاح الجنة فصحيحة، ولكن لا دليل فيها على ما يذهب إليه المرجئة من استحقاق الجنة بالتلفظ بها دون تصديقها بالعمل، فقد اتفق العلماء على أن هذه الكلمة تمثل الميثاق والعهد الذي أنيط به الالتزام بكافة الأحكام الشرعية، وهذه بدورها منها ما هو أصل في قبولها، بحيث يعد التخلي عن الالتزام به ناقضًا من نواقض كلمة التوحيد، لذا فقد عد العلماء لهذه الكلمة سبعة شروط، انتفاء أي واحد منها يعد ناقضًا لها:

العلم واليقين والقبول ... والانقياد فادر ما أقول

والصدق والإخلاص والمحبة ... وفقك الله لما أحبه (٢)


(١) الإيمان: ٣١٩.
(٢) للحافظ الحكمي من معارج القبول.

<<  <   >  >>