للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما عن ملك الموت فقد كانت تسميته بعزرائيل، مما لم يرد فيه أي دليل من الكتاب أو السنة الصحيحة، ولكنه مما اشتهر بين العلماء، يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله - عند قوله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: ١١] "وقد سمى في بعض الآثار بعزرائيل وهو المشهور". (١)

ولكن لم يثبت من هذه الآثار حديثًا مرفوعًا، فكل ما ورد في ذلك من الموقوف وهذا ما ذكره السيوطي في عدد من مؤلفاته، فقال: وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ في العظمة عن أشعث بن أسلم (٢). قال: سأل إبراهيم - عليه السلام - ملك الموت واسمه عزرائيل وله عينان في وجهه وعين في قفاه، فقال: (يا ملك الموت ما تصنع إذا كانت نفس بالمشرق ونفس بالمغرب، ووضع الوباء بأرض والتقى الزحفان، كيف تصنع؟ قال: أدعو الأرواح بإذن فتكون بين أصبعي هاتين) ". (٣)

وقد نص - رحمه الله - في شرحه على النسائي بعدم وجود ما يحكم برفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "لم يرد تسميته في حديث مرفوع، وورد عن وهب بن منبه (٤) أن اسمه عزرائيل، رواه أبو الشيخ في العظمة" ووافقه السندي في حاشيته على النسائي، فنقل كلامه بنصه. (٥).

وقد علم أن وهب بن منبه أحد خيار التابعين إلا أنه كان يكثر من رواية أخبار أهل الكتاب حتى عد أحد أكبر أسباب انتشارها في كتب التفسير، لذا صح التوقف فيما يخبر به خصوصًا مع عدم وجود الخبر الثابت عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم -. (٦)


(١) تفسير القرآن العظيم: (٣/ ٥٩٩). أضواء البيان: (٦/ ٥٠٤).
(٢) أشعث بن أسلم العجلي البصري يروي عن أبي أبيه عن موسى روى عنه سعيد بن أبي عروبة: ثقات لابن حبان: (٦/ ٦٣).
(٣) الدر المنثور: (٥/ ١٨٨). والحبائك في أخبار الملائك: ٤٢.
(٤) وهب بن منبه بن حزن الأنصاري من أهل المدينة يروى عن عبد الله بن أنيس وله صحبة روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار: الثقات لابن حبان (٥/ ٤٨٨).
(٥) شرح السيوطي، مع حاشية السندى: (٤/ ٤٢٤ - ٤٢٥).
(٦) الإسرائيليات والموضوعات، للشيخ أبو شهبة: ١٠٥.

<<  <   >  >>