للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الروايات المتضاربة التي يرد بعضها بعضًا مما نحيل أن يكون مرجعها المعصوم - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هي من إسرائيليات بني إسرائيل حملها عنهم بعض الصحابة والتابعين بحسن نية، وليس تفسير الآية متوقفًا على كل هذا الذي رووه، والذي يجب أن نؤمن به أن الله أنزل الألواح على موسى، . . .، أما هذه الألواح مم صنعت؟ وما طولها وما عرضها؟ وكيف كتبت؟ فهذا لا يجب علينا الإيمان به" (١).

أما وقد انتفت حجة قوله بانتفاء الموعظة من الألواح بعد إلقاء موسى لها، فإنه يحسن الاستدلال بالآية الكريمة التي بينت ما اشتملت عليه التوراة من أنواع الهداية، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ}، فقد وصفها المولى تعالى بالهدى والنور، وفيه ما يدل على احتوائها كل ما يحصل به الاهتداء والنجاة، يقول البقاعي - رحمه الله - في معنى الهدى: "أي كلام يهدى بما يدعو إليه إلى طريق الجنة، ونور أي بيان لا يدع لبسًا" (٢)

ويقول الشيخ سيد قطب - رحمه الله -: "فالتوراة كما أنزلها الله كتاب الله الذي جاء لهداية بني إسرائيل، وإنارة طريقهم إلى الله وطريقهم في الحياة وقد جاءت تحمل عقيدة التوحيد، وتحمل شعائر تعبدية شتى، وتحمل كذلك شريعة: "يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء" (٣).

وقد علم بالضرورة أن مقومات الهداية الدلالية هي البيان والتذكير والإرشاد والوعظ، فلا يمكن أن تتحقق الهداية إلا بهذه الأصول، وهذا معلوم من دعوة الأنبياء - عليهم السلام - لأممهم، فالإنذار والتبشير بالحكمة والموعظة الحسنة هي مهمة الأنبياء الأولى في دعوة الأمم إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة.


(١) الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير: ٢٠٢.
(٢) نظم الدرر: (٦/ ١٤٤).
(٣) في ظلال القرآن: (٢/ ٨٩٦).

<<  <   >  >>