للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع هذه الجهود المستميتة في تدمير عقيدة الشعب، إلا أن عقيدة الولاء والبراء ما زالت قائمة في قلوب كثير من المسلمين، فقد سجل التاريخ لجماعة مسلمة في أرض الحجاز نصرتهم لإخوانهم في مصر في أثناء تلك الحملة الصليبية، التي شنتها فرنسا، يقول الجبرتى: "تواتر الأخبار من ابتداء شهر رجب، بأن رجلًا مغربيًا يقال له: الشيخ الكيلانى، كان مجاورًا بمكة والمدينة والطائف، فلما وردت أخبار الفرنسيس إلى الحجاز وأنهم ملكوا الديار المصرية، انزعج أهل الحجاز، فأخذ يدعوهم إلى الجهاد، ويحرضهم على نصرة الحق والدين، وقرأ بالحرم كتابًا مؤلفًا في معنى ذلك، فاتعظ جملة من الناس وبذلوا أموالهم وأنفسهم، واجتمع نحو الستمائة من المجاهدين، وركبوا البحر إلى القصير مع ما انضم إليهم من أهل ينبع وخلافه، فورد الخبر في أواخره أنه انضم إليهم جملة من أهل الصعيد وبعض أتراك ومغاربة ممن كان خرج معهم مع غز مصر عند وقعة أنبابة، وركب الغز معهم أيضًا وحاربوا الفرنسيس، فلم تثبت الغز كعادتهم، وانهزموا وتبعهم هوارة الصعيد والمتجمعة من القرى، وثبت الحجازيون ثم انكفوا لقلتهم، وذلك بناحية جرجا وهرب الغز والمماليك إلى ناحية آسنا" (١).

* * *

أما عن الانحرافات العقدية الأخرى، فقد كانت الطرق الصوفية المنتشرة في ذلك الوقت من أعظم مظاهر انتشارها في البلاد الإسلامية، وقد ساعد على ذلك ارتباط هذه الطرق بأسماء بعض الأولياء الذين يعتقدون فيهم وفى صلاحهم، فيقودهم ذلك إلى التوسع والاستغاثة بهم وقت الشدائد.

وهنا يحسن الحديث عن أشهر تلك الطرق وأوسعها انتشارًا في البلاد الإسلامية.

أولًا: الطريقة القادرية:

مؤسس هذه الطريقة هو الشيخ عبد القادر الجيلانى: ٤٧٠ - ٥٦١ هـ المتوفى في بغداد، صاحب قبر مشهود فيها، يزوره الكثير من الأتباع والمريدين كل عام من


(١) عجائب الآثار: (٢/ ٢٥٠).

<<  <   >  >>