للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلم أيضًا ضلال من خرج عن هدى الصحابة الكرام في توقفهم عن تفسير كتاب الله بغير مستند شرعي؛ مع ثبوت الرفعة لمكانتهم عند الله، وخيريتهم على سائر القرون.

بل وعلم ضلال الصوفية أيضًا في تقديم خواصهم على ما أثر عن الصحابة لمعرفة ما يسمى بعلم الإشارات، الذي كثيرًا ما يخرج بصاحبه إلى التقول على الله بغير علم، وإلى الابتداع المنهي عنه، وقد يقع به أيضًا في الكفر والعياذ بالله.

ونقل عن ابن الصلاح (١) أنه قال في فتاويه عن تفاسير هؤلاء: "الظن بمن يوثق به منهم إذا قال شيئًا من أمثال ذلك أنه لم يذكره تفسيرًا، ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة في القرآن العظيم، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية، وإنما ذلك منهم ذكر لنظير ما ورد به القرآن، فإن النظير يذكر بالنظير، فمن ذلك قول بعضهم في: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: ١٢٣]: إن المراد النفس، فأمرنا بقتال من يلينا، لأنها أقرب شيء إلينا.

وأقرب شيء إلى الإنسان نفسه.

فكأنه قال: أمرنا بقتال النفس ومن يلينا من الكفار، ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا في مثل ذلك، لما فيه من الإبهام والالتباس. انتهى من كلامه - رحمه الله -. (٢)

فهل بعد هذا التقول على كتاب الله بغير علم من ضلال؟


(١) هو أبو عمر عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشهر زوري المعروف بابن الصلاح، ألفية الشافعي، برز في التفسير والحديث والفقه وأسماء الرجال، وكانت له مشاركات في فنون عديدة، صنف في علوم الحديث كتابًا نافعًا، وكذلك في مناسك الحج، وجمعت له فتاوى في مؤلف، وغير ذلك من المصنفات توفي رحمه الله سنة: ٦٤٣ هـ بدمشق. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان: (٣/ ٢٤٣)، وطبقات السبكي: (٨/ ٣٢٧).
(٢) البرهان في علوم القرآن، للزركشي، بتصرف يسير: (٢/ ١٧٠).

<<  <   >  >>