للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما عن الأسباط؛ فالصحيح أن هذه تسمية أطلقت على القبائل الكبيرة من نسل يعقوب - عليه السلام -، وكان منهم أنبياء، يقول ابن جرير: "وأما (الأسباط) الذين ذكرهم، فهم اثنا عشر رجلًا من ولد يعقوب بن إسحق بن إبراهيم. ولد كل رجل منهم أمة من الناس، فسموا أسباطًا، كما: حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: الأسباط: يوسف وأخوته، بنو يعقوب، ولد اثنى عشر رجلًا، فولد كل رجل منهم أمة من الناس، فسموا: أسباطًا" (١)

وعليه فلا حجة فيه للتفريق بين ما يفعله الأنبياء والرسل؛ فكلهم محكوم فعله بالشرع، وهم في ذلك قدوة تقتفى آثارهم.

* * *

فإذا ثبت ضعف هذا القول واستبعاده عن جهة الصواب، فإن الراجح في المسألة هو ما نبه إليه شيخ الإسلام من أن ثمة زيادة في التكليف والإبلاغ يختص بها الرسول، وهو ما عبر عنه بالإرسال إلى القوم المخالفين، يقول - رحمه الله -: "النبي هو الذي ينبئه الله، وهو ينبئ بما أنبأ الله به، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله، ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبى وليس برسول" (٢)

فدائرة النبوة أكبر من دائرة الرسالة، وذلك من جهة أهلها، إذ يمكن تحديد العلاقة بينهما بالعموم والخصوص المطلق، فـ "الرسول أخص من النبي، فكل رسول نبى وليس كل نبى رسول، ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها، فالنبوة جزء من الرسالة، إذ الرسالة تتناول النبوة وغيرها، بخلاف الرسل، فإنهم لا يتناولون الأنبياء وغيرهم، فالرسالة أعم من جهة نفسها، وأخص من جهة أهلها" (٣)


(١) تفسير ابن جرير: (١/ ٥٦٨).
(٢) كتاب النبوات: ٢٥٥.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية: ١٥٨.

<<  <   >  >>