للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما أورده الصاوي من قيود أخرى في التعريف، كالبشرية، والذكورة والحرية فصحيحة؛ قد دل على اعتبارها الكتاب والسنة.

- فبشرية الرسل كانت لحكمة عظيمة قدرها المولى تعالى، حيث يتأتى الإتساء بهم، وتسهل بذلك معاشرتهم، وتلقى التكاليف البشرية عنهم، هذا إلى جانب أنه من نوع الابتلاء بهم.

ففى الحديث القدسى فيما يخبر - صلى الله عليه وسلم - عن ربه أنه قال: (إنما بعثتك لأبتليك وأبتلى بك (١)

قال تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (٩٤) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} [الإسراء: ٩٤, ٩٥].

ويندرج تحت مفهوم البشرية مفاهيم عدة، فالبشرية تعنى العبودية وتعنى الافتقار؛ وتعنى انتفاء الألوهية بشتى معالمها، وكثيرًا ما يستدل القرآن الكريم على عبودية الرسل؛ لإبطال المعتقدات الفاسدة المتعلقة بهم؛ ببيان بشريتهم، وما تقتضيه من ضعف، وحاجة، وجهل بأمور الغيب، مما يبعد تلك المعتقدات عن التصور السليم غاية البعد، ويصحح المقاييس، ويضع كل شيء في محله، فالرسول بشر وعمله هداية البشر وإخراجهم من ظلمات الكفر، ومعجزاتهم ما هي إلا دليل على صدق ما أتوا به.

قال تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} [المائدة: ٧٥].

* * *


(١) أخرجه مسلم في: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها - باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار: (١٧/ ١٩٨).

<<  <   >  >>