للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا واعتقاد أفضليته وحصوله على درجة الكمال البشرى التي لم تتأت لأحد من الخلق سواه، وما تحلى به - عليه الصلاة والسلام - من جميل الأخلاق الخلقية والخلقية، كل ذلك مما يزيد في تأكيد هذه الحقيقة الإيمانية، وتوثيقها في قلب العبد المؤمن، فمعرفته حق المعرفة تستوجب من تمام الإيمان به والثبات عليه والزيادة منه؛ ما يؤكد على أهمية تقصى أسبابها، وذلك بالنهل من كل ما يقرب العبد من معرفة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، لذا كانت معرفته - عليه الصلاة والسلام - المعرفة المقتضية لتمام اتباعه وتصديقه من الأصول التي يقوم عليها الدين.

أما عن حقيقة هذه المعرفة الموجبة لتحقيق الهدف من بعثة الرسول وهى الاتباع والطاعة، فهى معرفته - صلى الله عليه وسلم - بما يحصل به تمام العلم بنبوته ورسالته الموجبة لاتباعه والسير على خطاه، وهذه بدورها تقوم على ثلاثة ركائز:

أولًا: التأمل في دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم -، وعلى رأسها القرآن الكريم.

ثانيًا: مطالعة سيرته وأحواله بين صحبه - عليه الصلاة والسلام -، فإنها وإن كانت مما يمكن إدراجه تحت الركيزة الأولى، إلا أن في تخصيصها للإشادة بها زيادة في إرادة معنى التوسع والتفصيل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون حياته، حيث أنيط تحقق المبتغى من رضوان الله تعالى في الاقتداء به والتأسى، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: ٢١].

ثالثًا: معرفة ما ورد من نصوص الشرع كتابًا وسنة؛ إذ مصدر العلم بهما إنما تحصل بطريقه - عليه الصلاة والسلام -، فإن من أعظم ما توجبه معرفته معرفة ما أتى به المعرفة التي يتحقق مقتضاها من الالتزام التام والرضا والقبول.

ومع ظهور الإرجاء في المجتمع المسلم، وتفشيه في الأوساط المختلفة، وانحلال عرى التمسك بدين الله تعالى، والبحث عن الحد الأدنى لإثبات وصف الإسلام على الفرد، تغيرت المفاهيم المرتبطة بهذه الحقيقة الإيمانية، وصار دليل محبة

<<  <   >  >>