للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما نجد في سجلات المحاكم الشرعية الكثير من الوثائق المتعلقة بالوقف على الأضرحة الأخرى، مثل ضريح "جلال الدين"، وضريح الشيخ إبراهيم، كما كانت وظيفة النظر والتحدث على المساجد والأضرحة تنتقل من الآباء إلى الأبناء، كما تذكر المصادر المعاصرة (١).

أما عن الاستغاثة بأصحاب الأضرحة والتوسل بهم، فهذا أشهر من أن تقيده النصوص التاريخية، فلم يزل الأمر باعتقاد الضر والنفع بأولئك الموتى؛ حتى صار التوسل بهم مما تعج به تلك المساجد، التي أقيم صرحها فوق رفاتهم؛ مؤكدًا حقيقة التأله الذي قام في أفئدة الناس وضمائرهم نحوهم، فلا تكاد تخلو قرية من إله صغير يقدم الناس له ولأتباعه الذبائح، ويقسم به الأطفال، وتقام له الموالد، وهناك آلهة أكبر يمكن أن تعتبر آلهة مناطق، ومقرها المدن، وتلك يهرع لها إذا تعذر على الإله الصغير أن يحقق الآمال، ويمضى الزمن ولا يحقق هذا ولا ذاك أملًا، ولكن الناس في غيهم سادرون (٢).

وهذا الجبرتى يحكى قصة أحد الموالد، الذي سمح الفرنسيس بإقامته بعد انشغال الناس عنه بسبب الحملة، يقول: "وقد تقدم ذكر بعض خبر هذا السيد وأنه كان رجلًا من البله، وكان يمشى بالأسواق عريانًا مكشوف الرأس والسوءتين غالبًا، وله أخ صاحب دهاء ومكر، لا يلتئم به، واستمر على ذلك مدة سنين، ثم بدا لأخيه في أمر لما رأى من ميل الناس لأخيه، واعتقادهم فيه، كما هي عادة أهل مصر في أمثاله، فحجر عليه ومنعه من الخروج من البيت، وألبسه ثيابًا وأظهر للناس أنه أذن له بذلك، وأنه تولى القطبانية ونحو ذلك، فأقبلت الرجال والنساء على زيارته والتبرك به وسماع ألفاظه، والإنصات إلى تخليطاته، وتأويلها بما في نفوسهم، وطفق أخوه المذكور يرغبهم ويبث لهم في كراماته، وأنه يطلع على خطرات القلوب


(١) سجلات محكمة منفلوط: سجل: ١، وثيقة رقم: ٣٢. ص ٣٥ نقلًا عن صعيد مصر، نبيل الطوخى: ٧٨.
(٢) المجتمع الإسلامى، الدكتور/ أحمد شلبى: ٢٣٨.

<<  <   >  >>