للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكتاب والسنة فحقيق أن يفهم ما أتت به في معرفة حقيقة الروح، يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "وليس في الكتاب والسنة أن المسلمين نهوا أن يتكلموا في الروح بما دل عليه الكتاب والسنة، لا في ذاتها ولا في صفاتها، وأما الكلام بغير علم فذلك محرم في كل شيء" (١).

وبناء على ما تقدم، فيصح تعريف الروح بما ورد فيها من الأخبار الصحيحة. يقول الإمام ابن القيم في كتابه الروح بعد عرض أبرز ما قيل في تعريفها: "إنها جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس، وهو جسم نورانى علوى خفيف حى متحرك، ينفذ في جوهر الأعضاء ويسرى فيها سريان الماء في الورد، وسريان الدهن في الزيتون، والنار في الفحم، فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقى ذلك الجسم اللطيف مشابكًا لهذه الأعضاء، وأفادها هذه الآثار من الحس، وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها، وخرجت عن قبول تلك الآثار فارق الروح البدن، وانفصل إلى عالم الأرواح، وهذا القول هو الصواب في المسألة، وهو الذي لا يصح غيره، وكل الأقوال سواه باطلة وعليه دل الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأدلة العقل والفطرة" (٢).

وكان هذا من جملة ما ذكره الصاوي من الأقوال وعزاه لأئمة الشافعية.

أما ما أورده من بقية الأقوال في معنى الروح، فغاية ما هنالك أنه جمع لآراء متعددة بل ومتباينة، دون نقد أو توجيه كافٍ لها، فقد أورد كلام الفلاسفة في أن الروح جوهر قائم بنفسه، وحقيقة هذا القول أن الروح قديمة وليست بمربوبة، وهذا ما رده عليهم أهل الإسلام قاطبة.

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله - حين سئل عن الروح: "الحمد لله رب العالمين روح الآدمى مخلوقة مبدعة باتفاق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة، وقد حكى إجماع العلماء على أنها مخلوقة غير واحد من أئمة المسلمين" (٣).


(١) المرجع السابق.
(٢) الروح لابن القيم: (٢/ ١٧٩).
(٣) المرجع السابق: (٤/ ٢١٦).

<<  <   >  >>