للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"القيوم بنفسه القيم لغيره؛ فجميع الموجودات مفتقرة إليه وهو غنى عنها ولا قوام لها إلا به ولا قوام لها بدون أمره، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِه} وهو القائم على كل شيء والقائم بجميع أمور عباده والقائم على كل نفس بما كسبت" (١).

ولو اعترض على هذا بأنه قد أرجع تصريفهم لأمر الله تعالى وإذنه، فحينها يطالب بالدليل على هذا الأذن، ومن أين له أن الله تعالى أوكل تصريف بعض شؤون العباد لبعضهم من الأولياء في حالة يعلم بالضرورة أنه من غير المقدور الكونى للبشر أن يكون لهم أثر في حقيقة الأمر، ولا شك أن هذه الأوهام مماثلة لأوهام المشركين من قبل في آلهتهم التي اعتقدوا أنها تنفع وتضر فتشفع بما لها من منزلة أعطاها الله إياها.

فيقال هنا أن كل أمر لم يثبت في نفعه أو ضره أو تصريفه كما ذكر الصاوي هنا سبب كونى أو شرعى يعد اعتقاد نفعه وضره واتخاذه سببًا شركًا بالله تعالى، يقول الشيخ العثيمين - رحمه الله - في قوله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ}: "الشاهد من هذه الآية: أن هذه الأصنام لا تنفع أصحابها لا بجلب نفع ولا بدفع ضر، فليست أسبابًا لذلك، فيقاس عليها كل ما ليس بسبب شرعى أو قدرى، فيعتبر اتخاذه سببًا إشراكًا بالله". (٢).

* * *

ثانيًا: مستقر الروح:

لقد فصل الصاوي القول في هذه القضية بما لا مزيد عليه، ولكن كان ينقصه الاستدلال الكافي بما ورد من الأحاديث الشريفة في هذا الباب، ومع وجود بعض الملاحظات على ما ذكر كان يظهر فيها تأثره بنزعته الصوفية، التي كانت تخرج به في بعض الأحيان عن حد الاعتدال.


(١) معارج القبول: (١/ ٢٠٨).
(٢) القول المفيد: (١/ ١٦٦).

<<  <   >  >>