للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبدًا، ليردن على أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بينى وبينهم، فأقول: إنهم منى، فيقال: لا تدرى ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا لمن غير بعدى) (١)

أما ما ذهب إليه الصاوي في إثبات الرد لأهل الابتداع في الدين بعد ذودهم عنه فقد قارب فيه كلام الحافظ ابن حجر في بعض توجيهاته للحديث، حيث قال: "وقيل هم أصحاب الكبائر والبدع الذين ماتوا على الإسلام، وعلى هذا فلا يقطع بدخول هؤلاء النار لجواز أن يذادوا عن الحوض أولًا عقوبة لهم ثم يرحموا" (٢) ولكن الدليل السابق صريح في ذهابهم إلى النار، وعلى كل فليس لرجوعهم مرة أخرى إلى الحوض بعد ذودهم عنه دليل ولا حتى من كلام الحافظ لأنه لم ينص على رجوعهم وإنما على إمكان حلول رحمة الله بهم فلا يصار بهم إلى النار. وفيه بيان ما للمبتدع من الوعيد الشديد.

- أما عن الصراط فهو: "جسر ممدود على متن جهنم، يرده الأولون والآخرون، فهو قنطرة بين الجنة والنار" (٣).

وفي بيان صفته يقول أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: (بلغنى أن الجسر أدق من الشعرة وأحد من السيف) (٤).

ويروى في ذلك حديث آخر مطول فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهرى جهنم). قلنا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: (مدحضة مزلة، عليه خطاطيف، وكلاليبا، وحسكة مفلطحة؛ لها شوكة عقيفة تكون بنجد، يقال له: السعدان، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحبًا) (٥).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق - باب في الحوض، رقم الحديث: ٦٥٨٣ - ٦٥٨٤.
(٢) فتح الباري: (١١/ ٣٨٦).
(٣) لوامع الأنوار، للسفاريني: (٢/ ١٨٩).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان - باب رؤية الله سبحانه في الآخرة: (٣/ ٣٤).
(٥) جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التوحيد - باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}، رقم الحديث: ٧٤٣٩. وانظر: البدور السافرة في أخبار الآخرة، للسيوطي: باب ما ورد في الصراط: ٣٣٠.

<<  <   >  >>