للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص، وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون: إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون.

وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة.

ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم، لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم: (١).

وقد أشار الإمام الذهبي (٢) في معرض حديثه عن موقف أهل السنة والجماعة من الخصام الذي حدث بين الصحابة - رضوان الله عليهم - إلى الشروط التي يجب أن يلتزمها من أراد أن يطالع تلك الروايات التي تحدثت عن ذلك التخاصم، موضحًا الهدف من إعمالها وضبط النفس عليها؛ حيث قال: "تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم - رضي الله عنهم أجمعين -، وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب.

وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغى طيه وإخفاؤه، بل إعدامه لتصفوا القلوب، وتتوافر على حب الصحابة والترضى عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العرى من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا الله تعالى، حيث يقول: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} (٣).


(١) العقيدة الواسطية شرح العلامة: محمد خليل هراس: ٢٤٩. وانظر: الفتاوى: (٤/ ٤٣٤).
(٢) هو الإمام العلامة الحافظ المؤرخ شيخ المحدثين أبو عبد الله بن أحمد بن عثمان التركمانى المعروف بالذهبى ولد سنة: ٦٧٣ هـ له مصنفات عظيمة منها: ميزان الاعتدال في نقد الرجال وسير أعلام النبلاء وغيرها، توفى سنة: ٧٤٨ هـ انظر: ذيل تذكرة الحفاظ: (٥/ ٣٤).
(٣) سير أعلام النبلاء: (١٠/ ٩٢).

<<  <   >  >>